أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٩٠
ولو لم تقم بينة، وإن اشترطها فذلك له، قاله القرطبي، والظاهر عندي أنه لا بد من بينة لورود النص الصحيح بذلك.
واختلف العلماء في السلب ما هو؟
قال مقيده عفا الله عنه. لهذه المسألة طرفان، وواسطة.
طرف أجمع العلماء على أنه من السلب: وهو سلاحه، كسيفه، ودرعه، ونحو ذلك، وكذلك ثيابه.
وطرف أجمع العلماء على أنه ليس من السلب: وهو ما لو وجد في هميانه، أو منطقته دنانير. أو جواهر، أو نحو ذلك.
وواسطة اختلف العلماء فيها: منها فرسه الذي مات وهو يقاتل عليه، ففيه للعلماء قولان: وهما روايتان عن الإمام أحمد، أصحهما أنه منه، ومنها ما يتزين به للحرب، فقال الأوزاعي: ذلك كله من السلب، وقالت: فرقة ليس منه، وهذا مروي عن سحنون إلا المنطقة، فإنها عنده من السلب، وقال ابن حبيب في الواضحة، والسواران من السلب، والله أعلم.
واعلم أن حديث عبد الله بن عمر المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية قبل نجد. وفيهم ابن عمر، وأن سهمناهم بلغت اثني عشر بعيرا، ونفلوا بعيرا بعيرا، دليل واضح على بطلان قول من قال: (لا تنفيل إلا من خمس الخمس) لأن الحديث صريح في أنه نفلهم نصف السدس.
ولا شك أن نصف السدس أكثر من خمس الخمس، فكيف يصح تنفيل الأكثر من الأقل، وهو واضح كما ترى، وأما غير ذلك من الأقوال، فالحديث محتمل له.
والذي يسبق إلى الذهن، أن ما ثبت في صحيح مسلم من حديث ابن عمر بلفظ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش، والخمس في ذلك واجب كله اه.
يدل على أن ذلك التنفيل من الغنيمة بعد إخراج الخمس، وهو ما دل عليه حديث حبيب بن سلمة المتقدم، وهو الظاهر المتبادر خلافا لما قاله ابن حجر في (الفتح) من أنه محتمل لكل الأقوال المذكورة، والله تعالى أعلم
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»