أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٥٢
عنهم إن وقع منهم بعض الشيء، وذلك في قوله في التغابن: * (ياأيها الذين ءامنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم إنمآ أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم) *.
وصرح في موضع آخر بنهي المؤمنين عن أن تلهيهم الأموال والأولاد عن ذكره جل وعلا، وأن من وقع في ذلك فهو الخاسر المغبون في حظوظه، وهو قوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولائك هم الخاسرون) *، والمراد بالفتنة في الآيات: الاختبار والابتلاء، وهو أحد معاني الفتنة في القرآن.
قوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم) *.
قال ابن عباس، والسدي، ومجاهد وعكرمة، والضحاك وقتادة، ومقاتل بن حيان، وغير واحد: فرقانا مخرجا، زاد مجاهد في الدنيا والآخرة، وفي رواية عن ابن عباس فرقانا: نجاة، وفي رواية عنه: نصرا. وقال محمد بن إسحاق: فرقانا. أي فصلا بين الحق والباطل، قاله ابن كثير.
قال مقيده: عفا الله عنه قول الجماعة المذكورة: إن المراد بالفرقان المخرج يشهد له قوله تعالى: * (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) * والقول بأنه النجاة أو النصر، راجع في المعنى إلى هذا، لأن من جعل الله له مخرجا أنجاه ونصره، لكن الذي يدل القرآن واللغة على صحته في تفسير الآية المذكورة هي قول ابن إسحاق، لأن الفرقان مصدر زيدت فيه الألف والنون، وأريد به الوصف أي الفارق بين الحق والباطل، وذلك هو معناه في قوله: * (تبارك الذى نزل الفرقان) *، أي الكتاب الفارق بين الحق والباطل، وقوله: * (وأنزل الفرقان) *، وقوله: * (وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان) *، وقوله: * (ولقد ءاتينا موسى وهارون الفرقان) *، ويدل على أن المراد بالفرقان هنا: العلم الفارق بين الحق والباطل. قوله تعالى في الحديد: * (ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وءامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم) *.
لأن قوله هنا: * (ويجعل لكم نورا تمشون به) * يعني: علما وهدى تفرقون به بين الحق والباطل، ويدل على أن المراد بالنور هنا الهدى، ومعرفة الحق قوله تعالى فيمن كان
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»