أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٥٤
أولائك حبطت أعمالهم وفى النار هم خالدون إنما يعمر مساجد الله من ءامن بالله واليوم الا خر وأقام الصلواة وءاتى الزكواة ولم يخش إلا الله فعسى أولائك أن يكونوا من المهتدين) *.
قوله تعالى: * (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكآء وتصدية) *.
المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق، قال بعض العلماء: والمقصود عندهم بالصفير والتصفيق التخليط حتى لا يسمع الناس القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم، ويدل لهذا قوله تعالى: * (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهاذا القرءان والغوا فيه لعلكم تغلبون) *.
قوله تعالى: * (واعلموا أنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) *.
ظاهر هذه الآية الكريمة أن كل شيء حواه المسلمون من أموال الكفار فإنه يخمس حسبما نص عليه في الآية، سواء أوجفوا عليه الخيل والركاب أولا، ولكنه تعالى في سورة (الحشر) أن ما أفاء الله على رسوله من غير إيجاف المسلمين عليه الخيل والركاب، أنه لا يخمس ومصارفه التي بين أنه يصرف فيها كمصارف خمس الغنيمة المذكورة هنا، وذلك في قوله تعالى: في فيء بني النضير * (ومآ أفآء الله على رسوله منهم فمآ أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) *، ثم بين شمول الحكم لكل ما أفاء الله على رسوله من جميع القرى بقوله: * (مآ أفآء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول) *.
اعلم أولا أن أكثر العلماء: فرقوا بين الفيء والغنيمة فقالوا: الفيء: هو ما يسره الله للمسلمين من أموال الكفار من غير انزاعه منهم بالقهر، كفيء بني النضير الذين نزلوا على حكم النبي صلى الله عليه وسلم ومكنوه من أنفسهم وأموالهم يفعل فيها ما يشاء لشدة الرعب الذي ألقاه الله في قلوبهم، ورضي لهم صلى الله عليه وسلم أن يرتحلوا بما يحملون على الإبل غير السلاح، وأما الغنيمة: فهي ما انتزعه المسلمون من الكفار بالغلبة والقهر، وهذا التفريق يفهم من قوله: * (واعلموا أنما غنمتم) * مع قوله: * (فمآ أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) * فإن قوله تعالى: * (فمآ أوجفتم عليه) *: ظاهر في أنه يراد به بيان الفرق بين ما أوجفوا عليه وما لم يوجفوا عليه كما ترى، والفرق المذكور بين الغنيمة والفيء عقده الشيخ أحمد البدوي الشنقيطي في نظمه للمغازي بقوله:
في غزوة بني النضير في غزوة بني النضير * وفيئهم والفيء في الأنفال * ما لم يكن أخذ عن قتال *
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»