أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٥٣
كافرا فهداه الله: * (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به فى الناس كمن) *. فجعل النور المذكور في الحديد: هو معنى الفرقان المذكور في الأنفال كما ترى. وتكفير السيئات والغفران المرتب على تقوى الله في آية الأنفال، كذلك جاء مرتبا أيضا عليها في آية الحديد، وهو بيان واضح كما ترى. * (وإذا تتلى عليهم ءاياتنا قالوا قد سمعنا لو نشآء لقلنا مثل هاذآ إن هاذآ إلا أساطير الأولين * وإذ قالوا اللهم إن كان هاذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السمآء أو ائتنا بعذاب أليم * وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون * وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أوليآءه إن أوليآؤه إلا المتقون ولاكن أكثرهم لا يعلمون * وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكآء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون * إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون * ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله فى جهنم أولائك هم الخاسرون * قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الا ولين * وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير * وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير * واعلموا أنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم ءامنتم بالله ومآ أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شىء قدير * إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولاكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة وإن الله لسميع عليم * إذ يريكهم الله فى منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم فى الا مر ولاكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور * وإذ يريكموهم إذ التقيتم فى أعينكم قليلا ويقللكم فى أعينهم ليقضى الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور * ياأيها الذين ءامنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون * وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين * ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئآء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط) * قوله تعالى: * (قالوا قد سمعنا لو نشآء لقلنا مثل هاذآ) *.
قد بينا قبل هذا الآيات المصرحة بكذبهم، وتعجيز الله لهم عن الإتيان بمثله. فلا حاجة إلى إعادتها هنا، وقوله هنا في هذه الآية عنهم: * (إن هاذآ إلا أساطير الأولين) * رد الله عليهم كذبهم وافتراءهم هذا في آيات كثيرة كقوله تعالى: * (وقالوا أساطير الا ولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلا قل أنزله الذى يعلم السر فى السماوات والا رض إنه كان غفورا رحيما) * وما أنزله عالم السر في السماوات والأرض فهو بعيد جدا من أن يكون أساطير الأولين، وكقوله: * (ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذى يلحدون إليه أعجمى وهاذا لسان عربى مبين) * إلى غير ذلك من الآيات:
قوله تعالى: * (وإذ قالوا اللهم إن كان هاذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السمآء أو ائتنا بعذاب أليم) *.
ذكر هنا في هذه الآية الكريمة ما يدل على أن كفار مكة في غاية الجهل حيث قالوا: * (فأمطر علينا) *، ولم يقولوا فاهدنا إليه، وجاء في آيات أخر ما يدل على ذلك أيضا كقوله عنهم: * (وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب) *، وقوله: * (ويستعجلونك بالعذاب) *، وقوله: * (ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه) * وذكر عن بعض الأمم السالفة شبه ذلك كقوله في قوم شعيب: * (فأسقط علينا كسفا من السمآء إن كنت من الصادقين) *، وقوله عن قوم صالح: * (ياصاح ائتنا بما تعدنآ إن كنت من المرسلين) *، وسيأتي لهذا إن شاء الله زيادة إيضاح في سورة (سأل سائل).
قوله تعالى: * (وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أوليآءه إن أوليآؤه إلا المتقون) *.
صرح تعالى في هذه الآية الكريمة بنفي ولاية الكفار على المسجد الحرام، وأثبتها لخصوص المتقين، وأوضح هذا المعنى في قوله: * (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شهدين على أنفسهم بالكفر
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»