أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٤٧
عما يشركون أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون) *، وهذا نص قرآني صريح في أن المراد المشركون من بني آدم، لا آدم وحواء، واختار هذا الوجه غير واحد لدلالة القرآن عليه، وممن ذهب إليه الحسن البصري، واختاره ابن كثير والعلم عند الله تعالى. * (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين * وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم * إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون * وإخوانهم يمدونهم فى الغى ثم لا يقصرون * وإذا لم تأتهم بأاية قالوا لولا اجتبيتها قل إنمآ أتبع ما يوحى إلى من ربى هاذا بصآئر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون * وإذا قرىء القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون * واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والا صال ولا تكن من الغافلين * إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون) * قوله تعالى: * (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) *.
بين في هذه الآية الكريمة ما بنبغى أن يعامل به الجهلة من شياطين الإنس والجن. فبين أن شيطان الإنس يعامل باللين، وأخذ العفو، والإعراض عن جهله وإساءته. وأن شيطان الجن لا منجى منه إلا بالاستعاذة بالله منه. قال في الأول: * (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) * وقال في الثاني: * (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) *، وبين هذا الذي ذكرنا في موضعين آخرين.
أحدهما: في سورة * (قد أفلح المؤمنون) * قال فيه في شيطان الإنس: * (ادفع بالتى هى أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون) * وقال في الآخر: * (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون) *.
والثاني: في حم (السجدة) قال فيه في شيطان الإنس: * (ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم) * وزاد هنا أن ذلك لا يعطاه كل الناس، بل لا يعطيه الله إلا لذي الحظ الكبير والبخت العظيم عنده فقال: * (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاهآ إلا ذو حظ عظيم) * ثم قال في شيطان الجن: * (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) *.
قوله تعالى: * (وإخوانهم يمدونهم فى الغى ثم لا يقصرون) *.
ذكر في هذه الآية الكريمة أن إخوان الإنس من الشياطين يمدون الإنس في الغي، ثم لا يقصرون، وبين ذلك أيضا في مواضع أخر كقوله: * (ألم تر أنآ أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا) *، وقوله: * (يامعشر الجن قد استكثرتم من الإنس) *، وبين في موضع آخر أن بعض الإنس إخوان للشياطين وهو قوله: * (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) *.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»