أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٤١
بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن عبدة العجل اعترفوا بذنبهم، وندموا على ما فعلوا، وصرح في سورة (البقرة) بتوبتهم ورضاهم بالقتل وتوبة الله جل وعلا عليهم بقوله: * (وإذ قال موسى لقومه ياقوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذالكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم) *. * (ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتمونى من بعدى أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفونى وكادوا يقتلوننى فلا تشمت بى الأعدآء ولا تجعلنى مع القوم الظالمين * قال رب اغفر لى ولأخى وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين * إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة فى الحيواة الدنيا وكذالك نجزى المفترين * والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وءامنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم * ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الا لواح وفى نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون * واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياى أتهلكنا بما فعل السفهآء منآ إن هى إلا فتنتك تضل بها من تشآء وتهدى من تشآء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين * واكتب لنا فى هاذه الدنيا حسنة وفي الا خرة إنا هدنآ إليك قال عذابى أصيب به من أشآء ورحمتى وسعت كل شىء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكواة والذين هم بأاياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والا غلال التى كانت عليهم فالذين ءامنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولائك هم المفلحون) * قوله تعالى: * (ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتمونى من بعدى أعجلتم أمر ربكم) *.
أوضح الله ما ذكره هنا بقوله في (طه) * (قال ياقوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدى قالوا مآ أخلفنا موعدك بملكنا) *.
قوله تعالى: * (وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفونى) *.
أشار تعالى في هذه الآية الكريمة إلى ما اعتذر به نبي الله هارون لأخيه موسى عما وجهه إليه من اللوم، وأوضحه في (طه) بقوله: * (قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتى ولا برأسى إنى خشيت أن تقول فرقت بين بنى إسرءيل ولم ترقب قولى) *، وصرح الله تعالى ببراءته بقوله: * (ولقد قال لهم هارون من قبل ياقوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمان فاتبعونى وأطيعوا أمرى قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى) *.
قوله تعالى: * (قل ياأيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا) *.
هذه الآية الكريمة فيها التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم رسول إلى جميع الناس، وصرح بذلك في آيات كثيرة كقوله: * (ومآ أرسلناك إلا كآفة للناس) *، وقوله: * (تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) * وقوله: * (ومن يكفر به من الا حزاب فالنار موعده) *، وقيد في موضع آخر: عموم رسالته ببلوغ هذا القرآن، وهو قوله تعالى: * (وأوحى إلى هاذا القرءان لا نذركم به ومن بلغ) *، وصرح بشمول رسالته لأهل الكتاب مع العرب بقوله: * (وقل للذين أوتوا الكتاب والا ميين ءأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد) * إلى غير ذلك من الآيات. * (قل ياأيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا الذى له ملك السماوات والا رض لا إلاه إلا هو يحى ويميت فأامنوا بالله ورسوله النبى الأمى الذى يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون * ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون * وقطعناهم اثنتى عشرة أسباطا أمما وأوحينآ إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولاكن كانوا أنفسهم يظلمون * وإذ قيل لهم اسكنوا هاذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين * فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذى قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السمآء بما كانوا يظلمون * وسئلهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر إذ يعدون فى السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذالك نبلوهم بما كانوا يفسقون * وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون * فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون * فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين * وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم * وقطعناهم في الا رض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذالك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون * فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هاذا الا دنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الا خرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون * والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلواة إنا لا نضيع أجر المصلحين * وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا مآ ءاتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون * وإذ أخذ ربك من بنىءادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنآ أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هاذا غافلين * أو تقولوا إنمآ أشرك ءاباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون * وكذالك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون * واتل عليهم نبأ الذىءاتيناه ءاياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) * قوله تعالى: * (فأامنوا بالله ورسوله النبى الأمى الذى يؤمن بالله وكلماته) *.
لم يبين هنا كثرة كلماته ولكنه بين ذلك في مواضع أخر كقوله: * (قل لو كان البحر مدادا
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»