أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٤٩
حدثنا أسود بن عامر أخبرنا أبو بكر عن عاصم بن أبي النجود عن مصعب بن سعد عن سعد بن مالك قال: قلت يا رسول الله قد شفاني الله اليوم من المشركين فهب لي هذا السيف. فقال: (إن هذا السيف لا لك ولا لي ضعه)، قال: فوضعته، ثم رجعت فقلت: عسى أن يعطى هذا السيف من لا يبلى بلائي، قال: فإذا رجل يدعوني من ورائي قال: قلت قد أنزل الله في شيئا، قال: كنت سألتني السيف، وليس هو لي وإنه قد وهب لي فهو لك. قال: وأنزل الله هذه الآية: * (يسئلونك عن الانفال قل الانفال لله والرسول) * ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من طرق عن أبي بكر بن عياش، وقال الترمذي: حسن صيح، وهكذا رواه أبو داود الطيالسي: أخبرنا شعبة أخبرنا سماك بن حرب قال: سمعت مصعب بن سعد يحدث عن سعد قال: نزلت في أربع آيات من القرآن أصبت سيفا يوم بدر فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: نفلنيه فقال: (ضعه من حيث أخذته مرتين)، ثم عاودته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ضعه من حيث أخذته) فنزلت هذه الآية * (يسألونك عن الأنفال) * الآية، وتمام الحديث في نزول * (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا) *، وقوله تعالى: * (إنما الخمر والميسر) *. وآية الوصية وقد رواه مسلم في صحيحه من حديث شعبة به. وقال محمد بن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر عن بعض بني ساعدة قال: سمعت أبا أسيد مالك بن ربيعة يقول: أصبت سيف ابن عائذ يوم بدر، وكان السيف يدعى بالمرزبان، فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يردوا ما في أيديهم من النفل أقبلت به فألقيته في النفل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنع شيئا يسأله، فرآه الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه إياه، ورواه ابن جرير من وجه آخر اه. كلام ابن كثير.
قال مقيده: عفا الله عنه جمهور العلماء على أن الآية نزلت في غنائم بدر لما اختلف الصحابة فيها، فقال بعضهم: نحن هم الذين حزنا الغنائم، وحويناها فليس لغيرنا فيها نصيب: وقالت المشيخة: إنا كنا لكم ردءا، ولو هزمتم للجأتم إلينا فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة عن عبادة بن الصامت: أنها نزلت في ذلك. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح، ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال، صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه. وروي نحو ذلك أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم، وابن جرير، وابن مروديه من طرق عن داود بن أبي هند، عن عكرمة عن ابن عباس. وعلى هذا القول الذي هو قول الجمهور، فالآية
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»