أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٤٦
، وقال: * (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) *، وقال: * (قل لا يعلم من فى السماوات والا رض الغيب إلا الله) *. إلى غير ذلك من الآيات.
والمراد بالخير في هذه الآية الكريمة قيل: المال، ويدل على ذلك كثرة ورود الخير بمعنى المال في القرآن كقوله تعالى: * (وإنه لحب الخير لشديد) *، وقوله: * (إن ترك خيرا) *، وقوله: * (قل مآ أنفقتم من خير) *. إلى غير ذلك من الآيات.
وقيل: المراد بالخير فيها العمل الصالح كما قاله مجاهد وغيره، والصحيح الأول لأنه صلى الله عليه وسلم مستكثر جدا من الخير الذي هو العمل الصالح، لأن عمله صلى الله عليه وسلم كان ديمة، وفي رواية كان إذا عمل عملا أثبته.
قوله تعالى: * (وجعل منها زوجها ليسكن إليها) *.
ذكر في هذه الآية الكريمة أنه خلق حواء من آدم ليسكن إليها، أي: ليألفها ويطمئن بها، وبين في موضع آخر أنه جعل أزواج ذريته كذلك، وهو قوله: * (ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) *.
قوله تعالى: * (فلمآ ءاتاهما صالحا جعلا له شركآء فيمآ ءاتاهما فتعالى الله عما يشركون) *.
في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير معروفان عند العلماء، والقرآن يشهد لأحدهما.
الأول: أن حواء كانت لا يعيش لها ولد، فحملت. فجاءها الشيطان، فقال لها سمي هذا الولد عبد الحارث فإنه يعيش، والحارث من أسماء الشيطان، فسمته عبد الحارث فقال تعالى: * (فلمآ ءاتاهما صالحا) * أي ولدا إنسانا ذكرا جعلا له شركاء بتسميته عبد الحارث، وقد جاء بنحو هذا حديث مرفوع وهو معلول كما أوضحه ابن كثير في تفسيره.
الوجه الثاني: أن معنى الآية أنه لما آتى آدم وحواء صالحا كفر به بعد ذلك كثير من ذريتهما، وأسند فعل الذرية إلى آدم وحواء، لأنهما أصل لذريتهما كما قال: * (ولقد خلقناكم ثم صورناكم) * أي بتصويرنا لأبيكم آدم لأنه أصلهم بدليل قوله بعده: * (ثم قلنا للملائكة اسجدوا لأدم) *، ويدل لهذا الوجه الأخير أنه تعالى قال بعده: * (فتعالى الله
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»