أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٥
عقرها، وذلك في قوله تعالى: * (فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر) *. * (فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا ياصاح ائتنا بما تعدنآ إن كنت من المرسلين) * قوله تعالى: * (وقالوا ياصاح ائتنا بما تعدنآ) *.
لم يبين هنا هذا الذي يعدهم به، ولكنه بين في مواضع أخر أنه العذاب كقوله: * (ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب) *، وقوله هنا * (بسوء فيأخذكم عذاب) *، وقوله: * (تمتعوا فى داركم ثلاثة أيام ذالك وعد غير مكذوب) *، ونحو ذلك من الآيات. * (فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * فتولى عنهم وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين) * قوله تعالى: * (فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين) *. لم يبين هنا سبب رجفة الأرض بهم، ولكنه بين في موضع آخر أن سبب ذلك صيحة الملك بهم، وهو قوله: * (وأخذ الذين ظلموا الصيحة) *. والظاهر أن الملك لما صاح بهم رجفت بهم الأرض من شدة الصيحة، وفارقت أرواحهم أبدانهم، والله جل وعلا أعلم.
قوله تعالى: * (فتولى عنهم وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالة ربى) *.
وبين تعالى هذه الرسالة التي أبلغها نبيه صالح إلى قومه في آيات كثيرة كقوله: * (وإلى ثمود أخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إلاه غيره قد جآءتكم بينة من ربكم هاذه ناقة الله لكم ءاية فذروها تأكل فى أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم) *. * (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النسآء بل أنتم قوم مسرفون * وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون * فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين * وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين * وإلى مدين أخاهم شعيبا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إلاه غيره قد جآءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا فى الا رض بعد إصلاحها ذالكم خير لكم إن كنتم مؤمنين) * قوله تعالى: * (أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين) *.
بين تعالى أن المراد بهذه الفاحشة اللواط بقوله بعده: * (إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النسآء) *، وبين ذلك أيضا بقوله: * (أتأتون الذكران من العالمين) *، وقوله: * (وتأتون فى ناديكم المنكر) *.
قوله تعالى: * (فأنجيناه وأهله) *.
ظاهر هذه الآية الكريمة أنه لم ينج مع لوط إلا خصوص أهله، وقد بين تعالى ذلك في (الذاريات) بقوله: * (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) *، وقوله هنا: * (إلا امرأته كانت من الغابرين) * أوضحه في مواضع أخر. فبين أنها خائنة، وأنها من أهل النار، وأنها واقعة فيما أصاب قومها من الهلاك، قال فيها: هي وامرأة نوح * (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنينا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين) *، وقال فيها وحدها: أعني امرأة لوط * (إلا امرأتك إنه مصيبها مآ أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح) *،
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»