أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٢٥
يستطع فعلى جنب. وهكذا قال تعالى عن نبيه عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: * (وأوصانى بالصلواة والزكواة ما دمت حيا) * وقال البخاري في صحيحه (باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب) وقال عطاء: إن لم يقدر أن يتحول إلى القبلة صلى حيث كان وجهه حدثنا عبدان عن عبد الله، عن إبراهيم بن طهمان قال: حدثني الحسين المكتب، عن بريدة، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: كانت بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال: (صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب) اه ونحو هذا معلوم. قال تعالى: * (فاتقوا الله ما استطعتم) *، وقال تعالى: * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) *، وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم...) الحديث.
التنبيه الثاني اعلم أن ما يفسر به هذه الآية الكريمة بعض الزنادقة الكفرة المدعين للتصوف من أن معنى اليقين المعرفة بالله جل وعلا، وأن الآية تدل على أن العبد إذا وصل من المعرفة بالله إلى تلك الدرجة المعبر عنها باليقين أنه تسقط عنه العبادات والتكاليف. لأن ذلك اليقين هو غاية الأمر بالعبادة.
إن تفسير الآية بهذا كفر بالله وزندقة، وخروج عن ملة الإسلام بإجماع المسلمين. وهذا النوع لا يسمى في الاصطلاح تأويلا، بل يسمى لعبا كما قدمنا في آل عمران. ومعلوم أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم هم وأصحابه هم أعلم الناس بالله، وأعرفهم بحقوقه وصفاته وما يستحق من التعظيم، وكانوا مع ذلك أكثر الناس عبادة لله جل وعلا، وأشدهم خوفا منه وطمعا في رحمته. وقد قال جل وعلا: * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) * والعلم عند الله تعالى.
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»