سبق له العلم بأنه شقي صار إلى الشقاوة، ويدل لهذا الوجه قوله بعده: * (فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة) *. وهو ظاهر كما ترى، ومن الآيات الدالة عليه أيضا قوله تعالى: * (هو الذى خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) *، وقوله: * (ولذالك خلقهم) *، أي ولذلك الاختلاف إلى شقي، وسعيد خلقهم.
الوجه الثاني: أن معنى قوله: * (كما بدأكم تعودون) *، أي كما خلقكم أولا، ولم تكونوا شيئا، فإنه يعيدكم مرة أخرى. ويبعثكم من قبوركم أحياء بعد أن متم وصرتم عظاما رميما، والآيات الدالة على هذا الوجه كثيرة جدا، كقوله: * (كما بدأنآ أول خلق نعيده وعدا علينآ) *، وقوله: * (وهو الذى يبدأ الخلق ثم يعيده) *، وقوله: * (قل يحييها الذى أنشأهآ أول مرة) *، وقوله: * (ياأيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب) * إلى غير ذلك من الآيات.
وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أنه قد يكون في الآية وجهان، وكل واحد منهما حق، ويشهد له القرآن، فنذكر الجميع، لأنه كله حق، والعلم عند الله تعالى. * (فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أوليآء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون * يابنىءادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين * قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين ءامنوا فى الحيواة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون * قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون * ولكل أمة أجل فإذا جآء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون * يابنى آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم ءاياتى فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كذبوا بأاياتنا واستكبروا عنهآ أولائك أصحاب النار هم فيها خالدون * فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بأاياته أولائك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جآءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين) * قوله تعالى: * (إنهم اتخذوا الشياطين أوليآء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون) *.
وبين تعالى في هذه الآية الكريمة، أن الكفار اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله، ومن تلك الموالاة طاعتهم لهم فيما يخالف ما شرعه الله تعالى، ومع ذلك يظنون أنفسهم على هدى.
وبين في موضع آخر: أن من كان كذلك فهو أخسر الناس عملا، والعياذ بالله تعالى، وهو قوله جل وعلا: * (قل هل ننبئكم بالا خسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحيواة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) *.
* * تنبيه هذه النصوص القرآنية تدل على أن الكافر لا ينفعه ظنه أنه على هدى، لأن الأدلة التي جاءت بها الرسل لم تترك في الحق لبسا ولا شبهة، ولكن الكافر لشدة تعصبه للكفر لا يكاد يفكر في الأدلة التي هي كالشمس في رابعة النهار لجاجا في الباطل، وعنادا،