أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٩
الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون) * قوله تعالى: * (فمن ثقلت موازينه فأولائك هم المفلحون.
بين تعالى في هذه الآية الكريمة: أن من ثقلت موازينهم أفلحوا، ومن خفت موازينهم خسروا بسبب ظلمهم، ولم يفصل الفلاح والخسران هنا.
وقد جاء في بعض المواضع ما يدل على أن المراد بالفلاح هنا كونه في عيشة راضية في الجنة، وأن المراد بالخسران هنا كونه في الهاوية من النار، وذلك في قوله: * (فأما من ثقلت موازينه فهو فى عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية ومآ أدراك ما نار حامية) *.
وبين أيضا خسران من خفت موازينة بقوله: * (ومن خفت موازينه فأولائك الذين خسروا أنفسهم فى جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون) * إلى غير ذلك من الآيات. * (ولقد مكناكم فى الا رض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون * ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين) * قوله تعالى: * (وجعلنا لكم فيها معايش) *. لم يبين هنا كيفية هذه المعايش التي جعل لنا في الأرض، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر كقوله: * (فلينظر الإنسان إلى طعامه) * * (ثم شققنا الا رض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدآئق غلبا وفاكهة وأبا متاعا لكم ولانعامكم) *.
وقوله: * (أولم يروا أنا نسوق المآء إلى الا رض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون) *، وقوله: * (وأنزل من السمآء مآء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم إن فى ذالك لأيات لا ولى النهى) *.
وذكر كثيرا من ذلك في سورة النحل كقوله: * (والا نعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون) * إلى غير ذلك من الآيات. * (قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين * قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين * قال أنظرنى إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال فبمآ أغويتنى لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمآئلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين * قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين * وياأادم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هاذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هاذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهمآ إني لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهمآ ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكمآ إن الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنآ أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين * قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم فى الا رض مستقر ومتاع إلى حين * قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون * يابنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذالك خير ذالك من آيات الله لعلهم يذكرون) * قوله تعالى: * (قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) *.
قال بعض العلماء، معناه: ما منعك أن تسجد، و (لا) صلة، ويشهد لهذا قوله تعالى: في سورة (ص) * (قال ياإبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى) * (ص: 57) الآية. وقد أوضحنا زيادة لفظة (لا) وشواهد ذلك من القرآن، ومن كلام العرب في سورة البلد. في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) والعلم عند الله تعالى.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»