وغير ذلك. * (وما يخرج منها) * من نبت وشجر، وحيوان، وغير ذلك. * (وما ينزل من السماء) * من الملائكة والأقدار والأرزاق. * (وما يعرج فيها) * من الملائكة والأرواح، والأدعية والأعمال، وغير ذلك. * (وهو معكم أينما كنتم) *، كقوله: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم، ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا) *. وهذه المعية، معية العلم والاطلاع، ولهذا توعد ووعد بالمجازاة بالأعمال بقوله: * (والله بما تعملون بصير) * أي: هو تعالى بصير بما يصدر منكم من الأعمال، وما صدرت عنه تلك الأعمال، من بر وفجور، فمجازيكم عليها، وحافظها عليكم. * (له ما في السماوات والأرض) * ملكا، وخلقا، وعبيدا، يتصرف فيهم بما شاءه من أوامره القدرية والشرعية، الجارية على الحكمة الربانية. * (وإلى الله ترجع الأمور) * من الأعمال والعمال، فيعرض عليه العباد، فيميز الخبيث من الطيب، ويجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته. * (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) *، أي: يدخل الليل على النهار، فيغشيهم الليل بظلامه، فيسكنون ويهدأون. ثم يدخل النهار على الليل، فيزول ما على الأرض من الظلام، ويضيء الكون، فيتحرك العباد ويقومون إلى مصالحهم ومعايشهم. ولا يزال الله يكور الليل على النهار، والنهار على الليل، ويداول بينهما، في الزيادة والنقص، والطول والقصر، حتى تقوم بذلك الفصول، وتستقيم الأزمنة، ويحصل من المصالح بذلك ما يحصل. فتبارك الله رب العالمين، وتعالى الكريم الجواد، الذي أنعم على عباده بالنعم الظاهرة والباطنة. * (وهو عليم بذات الصدور) *، أي: بما يكون في صدور العالمين. فيوفق من يعلم أنه أهل لذلك، ويخذل من يعلم أنه لا يصلح لهدايته. * (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير * وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين * هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم * وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أول ئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير * من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم) * يأمر تعالى عباده بالإيمان به وبرسوله، وبما جاء به، وبالنفقة في سبيله، من الأموال التي جعلها الله في أيديهم، واستخلفهم عليها، لينظر كيف يعملون. ثم لما أمرهم بذلك، رغبهم وحثهم عليه بذكر ما رتب عليه من الثواب، فقال: * (فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير) *، أي: الذين جمعوا بين الإيمان بالله ورسوله، والنفقة في سبيله، لهم أجر كبير، وأعظمه وأجله رضا ربهم، والفوز بدار كرامته، وما فيها من النعيم المقيم، الذي أعده الله للمؤمنين والمجاهدين. ثم ذكر السبب الداعي لهم إلى الإيمان، وعدم المانع منه، فقال: * (وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين) *، أي: وما الذي يمنعكم من الإيمان، والحال أن الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل وأكرم داع دعا إلى الله يدعوكم. فهذا مما يوجب المبادة إلى إجابة دعوته، والتلبية والإجابة للحق الذي جاء به، وقد أخذ عليكم العهد والميثاق بالإيمان، إن كنتم مؤمنين. ومع ذلك، من لطفه وعنايته بكم، أنه لم يكتف بمجرد دعوة الرسول الذي هو أشرف العالم، بل أيده بالمعجزات، ودلكم على صدق ما جاء به بالآيات البينات. فلهذا قال: * (هو الذي ينزل على عبده آيات بينات) *، أي: ظاهرات تدل أهل العقول على صحة جميع ما جاء به، وأنه هو الحق اليقين. * (ليخرجكم) * بإرسال الرسول إليكم، وما أنزله الله على يده من الكتاب والحكمة. * (من الظلمات إلى النور) *، أي: من ظلمات الجهل والكفر، إلى نور العلم والإيمان. وهذا من رحمته بكم ورأفته، حيث كان أرحم بعباده من الوالدة بولدها * (وإن الله بكم لرءوف رحيم) *. * (وما لكم أن لا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض) *، أي: وما الذي يمنعكم من النفقة في سبيل الله، وهي طرق الخير كلها، ويوجب لكم أن تبخلوا. الحال أنه ليس لكم شيء، بل * (لله ميراث السماوات والأرض) *، فجميع الأموال، ستنقل من أيديكم، أو تنقلون
(٨٣٨)