تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان - عبد الرحمن بن ناصر السعدي - الصفحة ٨٣٧
المحرمات والمكروهات، وفضول المباحات. * (ف) * لهم * (روح) *، أي: راحة وطمأنينة، وسرور وبهجة، ونعيم القلب والروح. * (وريحان) * وهو أسم جامع لكل لذة بدنية، من أنواع المآكل والمشارب وغيرها، وقيل: الريحان هو: الطيب المعروف، فيكون من باب التعبير بنوع الشيء عن جنسه العام. * (وجنة نعيم) * جامعة للأمرين كليهما، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فيبشر المقربون عند الاحتضار بهذه البشارة، التي تكاد تطير منها الأرواح، فرحا وسرورا. كما قال تعالى: * (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلا من غفور رحيم) *. وقد فسر قوله تعالى: * (لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) * أن هذه البشارة المذكورة، هي البشرى في الحياة الدنيا. وقوله: * (وأما إن كان من أصحاب اليمين) *، وهم الذين أدوا الواجبات وتركوا المحرمات، وإن حصل منهم بعض التقصير في بعض الحقوق، التي لا تخل بإيمانهم وتوحيدهم، * (ف) * يقال لأحدهم: * (سلام لك من أصحاب اليمين) *، أي: سلام حاصل لك من إخوانك أصحاب اليمين، أي: يسلمون عليه ويحيونه عند وصوله إليهم، ولقائهم له، أو يقال له: سلام لك من الآفات والبليات والعذاب، لأنك من أصحاب اليمين، الذين سلموا من الموبقات. * (وأما إن كان من المكذبين الضالين) *، أي: الذين كذبوا بالحق، وضلوا عن الهدى. * (فنزل من حميم وتصلية جحيم) *، أي: ضيافتهم يوم قدومهم على ربهم تصلية الجحيم، التي تحيط بهم، وتصل إلى أفئدتهم. وإذا استغاثوا من شدة العطش والظمأ * (يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا) *. * (إن هذا) * الذي ذكره الله تعالى، من جزاء العباد بأعمالهم، خيرها وشرها، وتفاصيل ذلك * (لهو حق اليقين) *، أي: الذي لا شك فيه ولا مرية. بل هو الحق الثابت، الذي لا بد من وقوعه. وقد أشهد الله عباده، الأدلة القواطع على ذلك، حتى صار عند أولي الألباب كأنهم ذائقون له، مشاهدون لحقيقته، فحمدوا الله تعالى على ما خصهم من هذه النعمة العظيمة، والمنحة الجسيمة. ولهذا قال تعالى: * (فسبح باسم ربك العظيم) * فسبحان ربنا العظيم، وتعالى وتنزه عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا. والحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. سورة الحديد * (سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم * له ملك السماوات والأرض يحي ي ويميت وهو على كل شيء قدير * هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم * هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير * له ملك السماوات والأرض وإلى الله ترجع الأمور * يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور) * يخبر تعالى عن عظمته وجلاله، وسعة سلطانه أن جميع ما في السماوات والأرض، من الحيوانات الناطقة وغيرها، والجوامد، تسبح بحمد ربها، وتنزهه عما لا يليق بجلاله. وأنها قانتة لربها، منقادة لعزته، قد ظهرت فيها آثار حكمته، ولهذا قال: * (وهو العزيز العزيز الحكيم) *، فهذا فيه بيان عموم افتقار المخلوقات العلوية والسفلية لربها، في جميع أحوالها، وعموم عزته وقهره للأشياء كلها، وعموم حكمته في خلقه وأمر. ثم أخبر عن عموم ملكه، فقال: * (له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت) *. أي: هو الخالق للمخلوقات، الرازق المدبر لها، بقدرته * (وهو على كل شيء قدير) *. * (هو الأول) * الذي ليس قبله شيء، * (والآخر) * الذي ليس بعده شيء. * (والظاهر) * الذي ليس فوقه شيء، * (والباطن) * الذي ليس دونه شيء. * (وهو بكل شيء عليم) * قد أحاط علمه بالظواهر والبواطن، والسرائر والخفايا، والأمور المتقدمة والمتأخرة. * (هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) * أولها يوم الأحد، وآخرها يوم الجمعة. * (ثم استوى على العرش) * استواء يليق بجلاله، فوق جميع خلقه. * (يعلم ما يلج في الأرض) * من حب وحيوان، ومطر،
(٨٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 832 833 834 835 836 837 838 839 840 841 842 ... » »»