تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان - عبد الرحمن بن ناصر السعدي - الصفحة ١٣٧
* (خالف هذا الميثاق وهذا أمر عام بين الأنبياء إن جميعهم طريقهم واحد وأن دعوة كل واحد منهم قد اتفقوا وتعاقدوا عليها وعموم ذلك أنه أخذ على جميعهم الميثاق بالإيمان والنصرة لمحمد صلى الله عليه وسلم فمن ادعى أنه من أتباعهم فهذا دينهم الذي أخذه الله عليهم وأقروا به واعترفوا فمن تولى عن اتباع محمد ممن يزعم أنه من أتباعهم فإنه فاسق خارج عن طاعة الله مكذب للرسول الذي يزعم أنه من أتباعه مخالف لطريقه وفي هذا إقامة الحجة والبرهان على كل من لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتب والأديان وأنه لا يمكنهم الإيمان برسلهم الذين يزعمون أنهم أتباعهم حتى يؤمنوا بإمامهم وخاتمهم صلى الله عليه وسلم (83) * (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها) * وإليه يرجعون (84) * (قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون) * (85) * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) * قد تقدم في سورة البقرة أن هذه الأصول التي هي أصول الإيمان التي أمر الله بها هذه الأمة قد اتفقت عليها الكتب والرسل وأنها هي الغرض الموجه لكل أحد وأنها هي الدين والإسلام الحقيقي وأن: من ابتغى غيرها فعمله مردود وليس له دين يعول عليه فمن زهد عنه ورغب عنه فأين يذهب إلى عبادة الأشجار والأحجار والنيران أو إلى اتخاذ الأحبار والرهبان والصلبان أو إلى التعطيل لرب العالمين أو إلى الأديان الباطلة التي هي وجه الشيطان وهؤلاء كلهم في الآخرة من الخاسرين: (86 - 88) * (كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين * أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين * خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون) * إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم (90 - 91) * (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون * إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين) * يعني أنه يبعد كل البعد أن يهدي الله قوما عرفوا الإيمان ودخلوا فيه وشهدوا أن الرسول حق ثم ارتدوا على أعقابهم ناكصين ناكثين لأنهم عرفوا الحق فرفضوه ولأن من هذه الحالة وصفه فإن الله يعاقبه بالانتكاس وانقلاب القلب جزاء له إذ عرف الحق فتركه والباطل فآثره فولاه الله ما تولى لنفسه فهؤلاء عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين في اللعنة والعذاب لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون إذا جاءهم أمر الله لأن الله عمرهم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءهم النذير ثم إنه تعالى استثنى من هذا الوعيد التائبين من كفرهم وذنوبهم المصلحين لعيوبهم فإن الله يغفر لهم ما قدموه ويعفو عنهم ما أسلفوه ولكن من كفر وأصر على كفره ولم يزدد إلا كفرا حتى مات على كفره فهؤلاء هم الضالون عن طريق الهدى السالكون لطريق الشقاء وقد استحقوا بهذا العذاب الأليم فليس لهم ناصر من عذاب الله ولو بذلوا ملء الأرض ذهبا ليفتدوا به لم ينفعهم شيئا فعياذا بالله من الكفر وفروعه
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 140 141 142 143 ... » »»