تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٦٩
قيل لذلك أنها أفضل سورة في القرآن ومنهم من استدل عليه بما روى الدارمي في مسنده عن أبي المغيرة عن صفوان الكلاعي قال قال رجل يا رسول الله أي سور القرآن أعظم قال: * (قل هو الله أحد) * وفي " المسند " من طريقي معاذ بن رفاعة وأسيد بن عبد الرحمن عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيم قلت بلى قال فاقرأني * (قل هو الله أحد) * و * (قل أعوذ برب الفلق) * و * (قل أعوذ برب الناس) * ثم قال يا عقبة لا تنساهن ولا تبت ليلة حتى تقرأهن وروى الترمذي بعض هذا الحديث وحسنه ولا يدل على أنها أفضل سور القرآن مطلقابل على أنها من الأفضل وقال ابن الحصاد العجب ممن ينكر الاختلاف في الفضل مع كثرة النصوص الواردة فيه واختلف القائلون بالتفضيل فقال بعضهم الفضل راجع إلى عظم ومضاعفة الثواب بحسب انتقالات النفس وخشيتها وتدبرها عند أوصاف العلا وقيل بل يرجع لذات اللفظ فإن تضمنته سورة الإخلاص مثلا من الدلالة على الوحدانية وصفاته تعالى ليس موجودا في تبت مثلا فالتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها ونقل الحليمي عن البيهقي أن معنى التفضيل بين الآيات والسور يرجع إلى أشياء أحدها أن يكون العمل بها أولى من العمل بأخرى وأعود على الناس وعلى هذا يقال في آيات الأمر والنهي والوعد والوعيد خير من آيات القصص لأنه إنما أريد بها تأكيد الأمر والنهي والإنذار والتبشير ولا غنى للناس عن هذه الأمور وقد يستغنون عن القصص فكان ما هو أعود عليهم وأنفع لهم مما يجري مجرى الأصول خير لهم مما يجعل تبعا لما لا بد منه الثاني أن يقال الآيات التي تشتمل على تعديد أسماء الله تعالى وبيان سفاته والدلالة على عظمته عز وجل أفضل بمعنى أنها أسنى وأجل قدرا مما لا تشتمل على ذلك الثالث أن يقال سورة خير من سورة أو آية خير من آية بمعنى أن القارىء يتعجل به بقراءتها فائدة سوى الثواب الآجر ويتأدى منه بتلاوتها عبادة كآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين فإن قارئها يتعجل بقراءتها الاحتراز مما يخشى والاعتصام بالله تعالى ويتأدى بتلاوتها عبادة الله سبحانه لما فيها من ذكره تعالى بالصفات العلا على سبيل الاعتقاد لها وسكون النفس إلى فضل ذلك الذكر وبركته وأما آيات الحكم فلا يقع بنفس تلاوتها إقامة حكم وإنما يقع بها علم وقد يقال إن سورة أفضل من سورة لأن الله تعالى جعل قراءتها كقراءة أضعافها مما سواها وأوجب بها من الثواب ما لم يوجب سبحانه لغيهرا وإن كان المعنى الذي لأجله بلغ بها هذا المقدار لا يظهر لنا وهذا نظير ما يقال في تفضيل الأزمنة والأمكنة بعضها على بعض على ما سمعت آنفا وبالجملة التفضيل بأحد هذه الاعتبارات لا ينافي كون الكلام كلام الله عز وجل ومتحد النسبة إليه سبحانه كما لا يخفى والله تعالى أعلم.
* (قل هو الله أحد) * * (قل هو الله أحد) * المشهور أن هو
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»