تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٧٢
أحد أي لا واحد ولا اثنان فصاعدا لا مجتمعين ولا مفترقين ولهذا لم يصح استعماله في الإثبات لأن نفي المتضادين يصح ولاي صح إثباتهما فلو قيل في الدار أحد لكان فيه إثبات واحد منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومفترقين وذلك ظاهر الإحالة ولتناول ذلك ما فوق الواحد يصح أن يقال ما من أحد فاضلين وعليه الآية المذكورة آنفا والمستعمل في الإثبات على ثلاثة أوجه الأول أن يضم إلى العشرات نحو أحد عشر واحد وعشرون والثاني أن يستعمل مضافا أومضافا إليه بمعنى الأول كما في قوله تعالى: * (إما أحدكما فيسقى ربه خمرا) * وقولهم يوم الأحد أي يوم الأول والثالث أن يستعمل مطلقا وصفا وليس ذلك إلا في وصف الله تعالى وهو وأن كان أصله واحدا إلا أن وحدا يستعمل في غيره سبحانه نحو قول النابغة: / جسم] كأن رحلي وقد زال النهار بنا * بذي الجليل على مستأنس وحد انتهى. وقال مكي أصل أحد واحد فأبدلوا الواو همزة فاجتمع ألفان لأن الهمزة تشبه الألف فحذفت إحداهما تخفيفا وفرق ثعلب بين أحد وواحد بأن أحدا لا يبني عليه العدد ابتداء فلا يقال أحد واثنان كما يقال واحد واثنان ولا يقال رجل أحد كما يقال رجل واحد ولذلك اختص به سبحانه وفرق بعضهم بينهما أيضا بأن الأحد في النفس نص في العموم بخلاف الواحد فإنه محتمل للعموم وغيره فيقال ما في الدار أحد ولا يقال بأن اثنان ويجوز أن يقال ما في الدار واحد بل اثنان ونقل عن بعض الحنفية أنه قال في التفرقة بينهما أن الأحدية لا تحتمل الجزئية والعددية بحال والواحدية تحتملها لأنه يقال مائة واحدة وألف واحد ولا يقال مائة أحد ولا ألف أحد وبنى على ذلك مسألة الإمام محمد بن الحسن التي ذكرها في " الجامع الكبير " إذا كان لرجل أربع نسوة فقال والله لا أقرب واحدة منكن صار موليا منهن جميعا ولم يجز أن يقرب واحدة منهن إلا بكفارة ولو قال والله لا أقرب أحداكن لم يصر موليا إلا من إحداهن والبيان إليه وفرق الخطابي بأن الأحدية لتفرد الذات والواحدية لنفي المشاركة في الصفات ونقل عن المحققين التفرقة بعكس ذلك ولما لم ينفك في شأنه تعالى أحد الأمرين من الآخر قيل الواحد الأحد في حكم اسم واحد وفسر الأحد هنا ابن عباس وأبو عبيدة كما قال ابن الجوزي بالواحد وأيد بقراءة الأعمش * (قل هو الله) * الواحد وفسر بما لا يتجزأ ولا ينقسم وقال بعض الأجلة أن الواحد مقول على ما تحته بالتشكيك فالمراد به هنا حيث أطلق المتصف بالواحدية التي لا يمكن أن يكون أزيد منها ولا أكمل فهو ما يكون منزه الذات عن أنحاء التركيب والتعدد خارجا وذهنا وما يستلزم أحدهما كالجسمية والتحيز والمشاركة في الحقيقة وخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامة المقتضية للألوهية وهو مأخوذ من كلام الرئيس أبي علي بن سينا في تفسيره السورة الجليلة حيث قال إن أحدا دال على أنه تعالى واحد من جميع الوجوه وأنه لا كثرة هناك أصلا لا كثرة معنوية وهي كثرة المقومات والأجناس والفصول وكثرة الأجزاء الخارجية المتمايزة عقلا كما في المادة والصورة والكثرة الحسية بالقوة أو بالفعل كما في الجسم وذلك يتضمن لكونه سبحانه: منزها عن الجنس والفصل والمادة والصورة والأعراض والأبعاض والأعضاء والأشكال والألوان وسائر ما يثلم الوحدة الكاملة والبساطة الحقة اللائقة بكرم وجهه عز وجل عن أن يشبهه شيء أو يساويه سبحانه شيء وقال ابن عقيل الحنبلي الذي يصح لنا من القول مع إثبات الفات أنه تعالى واحد في إلهيته لا غير وقال غيره من السلفيين كالحافظ ابن رجب هو سبحانه الواحد في إلاهيته
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»