تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٦٦
الجمال فسألوه صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال * (أحد صمد لم يلد ولم يولد) * ولا أظن صحة الخبر وسورة النسبة لورودها جوابا لمن قال أنسب لنا ربك على ما ستسمعه إن شاء الله تعالى وقيل لما أخرجه الطبراني من طريق عثمان بن عبد الرحمن الطرايفي عن الوازع بن نافع عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل شيء نسبة ونسبة الله تعالى * (قل هو الله أحد الله الصمد) * وهو كما قال الحافظ ابن رجب ضعيف جدا وعثمان يروي المناكير وفي " الميزان " أنه موضوع وسورة الصمد وسورة المعوذة لما أخرج النسائي والبزار وابن مردويه بسند صحيح عن عبد الله بن أنيس قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على صدري ثم قال قل فلم أدر ما أقول ثم قال قل هو الله أحد فقلت حتى فرغت منها ثم قال: * (قل أعوذ برب الفرق من شر ما خلق) * فقلت حتى فرغت منها ثم قال: * (قل أعوذ برب الناس) * فقلت حتى فرغت منها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا فتعوذ وما تعوذ المتعوذون بمثلهن قط وسورة المانعة قيل لما روى ابن عباس أنه تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم حين عرج به أعطيتك سورة الإخلاص وهي من ذخائر كنوز عرشي وهي المانعة تمنع كربات القبر ونفحات النيران والظاهر عدم صحة هذا الخبر ويعارضه ما أخرجه ابن الضريس عن أبي أمامة أربع آيات نزلت من كنز العرش لم ينزل منه غيرهن أم الكتاب وآية الكرسي وخاتمة سورة البقرة والكوثر وحكمه حكم المرفوع بل أخرجه الشيخ ابن حبان والديلمي وغيرهما بالسند عن أبي أمامة مرفوعا وسورة المحضر قيل لأن الملائكة عليهم السلام تحضر لاستماعها إذا قرئت وسورة المنفرة قيل لأن الشيطان ينفر عند قراءتها وسورة البراءة قيل لما روى أنه عليه الصلاة والسلام رأى رجلا يقرؤها فقال أما هذا فقد بريء من الشرك ولم أدر من روى ذلك نعم روى أبو نعيم من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة عن مهاجر قال سمعت رجلا يقول صحبت النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع رجلا يقرأ * (قل يا أيها الكافرون) * فقال قد برىء من الشرك وسمع آخر يقرأ * (قل هو الله أحد) * فقال غفر له وعليه فألحق بهذا الاسم سورة الكافرون ولعل الأولى أن يقال سميت بذلك لما في حديث الترمذي عن أنس من أراد أن ينام على فراشه فنام على يمينه ثم قرأ قل هو الله أحد مائة مرة كتب الله تعالى له براءة من النار وسورة المذكورة لأنها تذكر خالص التوحيد وسورة النور قيل لما روى من قوله صلى الله عليه وسلم إن لكل شيء نورا ونور القرآن * (قل هو الله أحد) * وسورة الايمان لأنه لا يتم بدون ما تضمنته من التوحيد وقد ذكر معظم هذه الأسماء الإمام الرازي وبين وجه التسمية بها بما بين والرجل رحمه الله تعالى ليس بإمام في معرفة أحوال المرويات لا يميز غثها من سمينها أو لا يبالي بذلك فيكتب ما ظفر به وإن عرف شدة ضعفه وهي مكية في قول عبد الله والحسن وعكرمة وعطاء ومجاه وقتادة مدنية في قول ابن عباس ومحمد بن كعب وأبي العالية والضحاك قاله في " البحر " وخبر ابن عباس السابق إن صح ظاهر في أنها عنده مكية وفي " الاتقان " فيها قولان لحديثين في سبب نزولها متعارضين وجمع بعضهم بينهما بتكرر نزولها ثم ظهر لي ترجيح أنها مدنية اه‍ وعلى ما في الكتابين لا يخفى ما في قول الدواني إنها مكية بالاتفاق من الدلالة على قلة الإطلاع. وآيها خمس في المكي والشامي أربع في غيرهما ووضعت هنا قيل للوزان في اللفظ بين فواصلها ومقطع سورة المسد وقيل وهو الأولى إنها متصلة بقل يا أيها الكافرون في المعنى فهما بمنزلة كلمة التوحيد في النفي والإثبات ولذا يسميان المقشقشتين وقرن بينهما في القراءة في صلوات كثيرة على ما قاله بعض الأئمة كركعتي الفجر والطواف والضحى وسنة المغرب وصبح المسافر ومغرب ليلة الجمعة إلا أنه فصل بينهما بالسورتين لما تقدم من الوجه ونحوه وكان في إيلائها سورة تبت ردا على أبي لهب بخصوصه وجاء فيها أخبار كثيرة تدل على مزيد فضلها منها ما تقدم
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»