تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٦٥
لأنفقنها الخ وعلى ما قبله تهجين أمر قلادتها لتأكيد ذمها بالبخل الدال عليه قوله تعالى: * (حمالة الحطب) * على ما نقلناه سابقا عن قتادة ويحتمل غير ذلك ووجه التعبير بالجيد على ما ذكر مما لا يخفى وزعم بعضهم أن الكلام يحتمل أن يكون دعاء عليها بالخنق بالحبل وهو عن الذهن مناط الثريا نعم ذكر أنها ماتت يوم ماتت مخنوقة بحبل حملت به حزمة حطب لكن هذا لا يستدعي حمل ما ذكر على الدعاء هذا. واستشكل أمر تكليف أبي لهب بالايمان مع قوله تعالى: * (سيصلى) * الخ بأنه بعد أن أخبر الله تعالى عنه بأنه سيصلى النار لا بد أن يصلاها ولا يصلاها إلا الكافر فالاخبار بذلك يتضمن الاخبار بأنه لا يؤمن أصلا فمتى كان مكلفا بالايمان بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ومنه ما ذكر لزم أن يكون مكلفا بأن يؤمن بأن لا يؤمن أصلا وهو جمع بين النقيضين خارج عن حد الامكان وأجيب عنه بأن ما كلفه هو الايمان بجميع ما جاء النبي عليه الصلاة والسلام إجمالا لا الايمان بتفاصيل ما نطق به القرآن الكريم حتى يلزم أن يكلف الايمان بعدم إيمانه المستمر ويقال نحو هذا في الجواب عن تكليف الكافرين المذكورين في قوله تعالى: * (قل يا أيها الكافرون) * الخ بالايمان بناء على تعينهم مع قوله تعالى: * (ولا أنتم عابدون ما أعبد) * الخ بناء على دلالته على استمرار عدم عبادتهم ما يعبد عليه الصلاة والسلام وأجاب بعضهم بأن قوله تعالى: * (سيصلى) * الخ ليس نصا في أنه لا يؤمن أصلا فإن صلى النار غير مختص بالكفار فيجوز أن يفهم أبو لهب منه أن دخوله النار لفسقه ومعاصيه لا لكفره ولا يجري هذا في الجواب عن تكليف أولئك الكافرين بناء على فهمهم السورة إرادة الاستمرار وأجاب بعض آخر بأن من جاء فيه مثل ذلك وعلم به مكلف بأن يؤمن بما عداه مما جاء به صلى الله عليه وسلم وأجاب الكعبي وأبو الحسين البصري وكذا القاضي عبد الجبار بغير ما ذكر مما رده الإمام وقيل في خصوص هذه الآية أن المعنى سيصلى نارا ذات لهب ويخلد فيها إن مات ولم يؤمن فليس ذلك مما هو نص في أنه لا يؤمن وما لهذه الأجوبة وما عليها يطلب من مطولات كتب الأصول والكلام واستدل بقوله تعالى: * (وامرأته) * على صحة أنكحة الكفار والله تعالى أعلم.
سورة الإخلاص وسميت بها لما فيها من التوحيد ولذا سميت أيضا بالأساس فإن التوحيد أصل لسائر أصول الدين وعن كعب كما قال الحافظ بن رجب أسست الموات السبع والأرضون السبع على هذه السورة قل هو الله أحد ورواه الزمخشري عن أبي وأنس مرفوعا ولم يذكره أحد من المحدثين المعتبرين كذلك وكيف كان فالمراد به كما قال ما خلقت السماوات والأرضون إلا لتكون دلائل على توحيد الله تعالى ومرعفة صفاته التي تضمنتها هذه السورة وقيل معنى تأسيسها عليها أنها إنما خلقت بالحق كما قال تعالى: * (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق) * وهو العدل والتوحيد وهو إن لم يرجع إلى الأول لا يخلو عن نظر وقيل المراد أن مصحح إيجادهما أي بعد إمكانهما الذاتي ما أشارت إليه السورة من وحدته عز وجل واستحالة أن يكون له سبحانه شريك إذ لولا ذلك لم يمكن وجودهما لإمكان التمانع كما قرره بعض الأجلة في توجيه برهانية قوله تعالى: * (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) * وفيه بعد وتسمى أيضا سورة * (قل هو الله أحد) * كما هو مشهور يشير إليه الأثر أيضا والمقشقشة لما سمعت في تفسير سورة الكافرون وسورة التوحيد وسورة التفريد وسورة التجريد وسورة النجاة وسورة الولاية وسورة المعرفة لأن معرفة الله تعالى إنما تتم بمعرفة ما فيها وفي اثر أن رجلا صلى فقرأها فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن هذا عبد عرف ربه وسورة الجمال قيل لما روى أنه عليه الصلاة والسلام قال إن الله جميل يحب
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»