تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٦٣
* (فلم يغنيا) * الخ بيان لما أدى إليه خيانتهما أي فلم يغن ذانك العبدان الصالحان والنبيان العظيمان * (عنهما) * بحق الزواج * (من الله) * أي من عذابه عز وجل * (شيئا) * أي شيئا من الإغناء، أو شيئا من العذاب.
* (وقيل) * لهما عند موتهما. أو يوم القيامة، وعبر بالماضي لتحقق الوقوع * (ادخلا النار مع الدخلين) * أي مع سائر الداخلين من الكفرة الذي لا وصلة بينهم وبين الأنبياء عليهم السلام.
وذكر غير واحد أن المقصود الإشارة إلى أن الكفرة يعاقبون بكفرهم ولا يراعون بما بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم من الوصلة، وفيه تعريض لأمهات المؤمنين وتخويف لهن بأنه لا يفيدهن إن أتين بما حظر عليهم كونهن تحت نكاح النبي صلى الله عليه وسلم وليس في ذلك ما يدل على أن فيهن كافرة أو منافقة كما زعمه يوسف الأوالي من متأخري الإمامية سبحانك هذا بهتان عظيم.
وقرأ مبشر بن عبيد - تغنيا - بالتاء المثناة من فوق، و * (عنهما) * عليه بتقدير عن نفسهما قال أبو حيان: ولا بد من هذا المضاف إلا أن يجعل - عن - اسما كهي في: دع عنك لأنها إن كانت حرفا كان في ذلك تعدية الفعل الرافع للضمير المتصل إلى ضميره المجرور وهو يجري مجرى الضمير المنصوب وذلك لا يجوز، وفيه بحث.
* (وضرب الله مثلا للذين ءامنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لى عندك بيتا فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظ‍المين) *.
* (وضرب الله مثلا للذين ءامنوا امرأت فرعون) * أي جعل حالها مثلا لحال المؤمنين في أن وصلة الكفرة لا تضرهم حيث كانت في الدنيا تحت أعدى أعداء الله عز وجل وهي في أعلى غرف الجنة واسمها آسية بنت مزاحم، وقوله تعالى: * (إذ قالت) * ظرف لمحذوف أي وضرب الله مثلا للذين آمنوا حال امرأة فرعون إذ قالت * (رب ابن لي عندك) * قيل: أي قريبا من رحمتك لتنزهه سبحانه عن المكان.
وجوز في * (عندك) * كونه حالا من ضمير المتكلم وكونه حالا من قوله تعالى: * (بيتا) * لتقدمه عليه وكان صفة لو تأخر، وقوله تعالى: * (في الجنة) * بدل أو عطف بيان لقوله تعالى: * (عندك) * أو متعلق بقوله تعالى: * (ابن) * وقدم * (عندك) * لنكتة، وهي كما في الفصوص الإشارة إلى قولهم: الجار قبل الدار، وجوز أن يكون المراد - بعندك - أعلى درجات المقربين لأن ما عند الله تعالى خير، ولأن المراد القرب من العرش، و * (عندك) * بمعنى عند عرشك ومقر عزك وهو على ما قيل: على الاحتمالات في إعرابه ولا يلزم كونه ظرفا للفعل * (ونجني من فرعون) * أي من نفس فرعون الخبيثة وسلطانه الغشوم * (وعمله) * أي وخصوصا من عمله وهو الكفر وعبادة غير الله تعالى والتعذيب بغير جرم إلى غير ذلك من القبائح؛ والكلام على أسلوب * (ملائكته وجبريل) * (البقرة: 98)، وجوز أن يكون المراد * (نجني) * من عمل فرعون فهو من أسلوب أعجبني زيد وكرمه، والأول أبلغ لدلالته على طلب البعد من نفسه الخبيثة كأنه بجوهره عذاب ودمار يطلب الخلاص منه، ثم طلب النجاة من عمله ثانيا تنبيها على أنه الطامة العظمى، وخص بعضهم عمله بتعذيبه، وعن ابن عباس أنه الجماع، وما تقدم أولى * (ونجني من القوم الظ‍المين) * من القبط التابعين له في الظلم قاله مقاتل، وقال الكلبي: من أهل مصر: وكأنه أراد بهم القبط أيضا، والآية ظاهرة في أنها كانت مؤمنة مصدقة بالبعث، وذكر بعضهم أنها عمة موسى عليه السلام آمنت حين سمعت بتلقف العصا الإفك فعذبها فرعون.
وأخرج أبو يعلى. والبيهقي بسند صحيح عن أبي هريرة أن فرعون وتد لامرأته أربعة أوتاد في يديها ورجليها فكانت إذا تفرقوا عنها أظلتها الملائكة عليهم السلام فقالت: * (رب ابن لي عندك بيتا في الجنة) * (التحريم: 11)
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 » »»