وقيل: من يعطي من النور بقدر ما يبصر به موضع قدمه، ويعلم منه عدم تعين حمل الإيمان على فرده الكامل كما سمعت عن الخفاجي، وقرأ سهل بن شعيب السهمي. وأبو حيوة * (وبإيمانهم) * بكسر الهمزة على أنه مصدر معطوف على الظرف أي كائنا بين أيديهم وكائنا بسبب إيمانهم.
* (ياأيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير) *.
* (ياأيها النبي جاهد الكفار) * بالسيف * (والمنافقين) * بالحجة * (واغلظ عليهم) * واستعمل الخشونة على الفريقين فيما تجاهدهم به إذا بلغ الرفق مداه.
وعن الحسن أكثر ما كان يصيب الحدود في ذلك الزمان المنافقين فأمر عليه الصلاة والسلام أن يغلظ عليهم في إقامة الحدود، وحكى الطبرسي عن الباقر أنه قرأ - جاهد الكفار بالمنافقين - وأظن ذلك من كذب الإمامية عاملهم الله تعالى بعدله * (ومأوياهم جهنم) * أي وسيرون فيها عذابا غليظا * (وبئس المصير) * أي جهنم أو مأواهم، والعطف قيل: من عطف القصة على القصة.
* (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنينا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين) *.
* (ضرب الله مثلا للذين كفروا) * ضرب المثل في مثل هذا الموقع عبارة عن إيراد حالة غريبة لتعرف بها حالة أخرى مشاكلة لها في الغرابة أي جعل الله تعالى مثلا لحال الكفرة حالا ومآلا على أن مثلا مفعول ثان لضرب. واللام متعلقة به، وقوله تعالى: * (امرأت نوح) * واسمها قيل: والعة * (وامرأت لوط) * واسمها قيل: واهلة، وقيل: والهة، وعن مقاتل اسم امرأة نوح والهة. واسم امرأة لوط والعة مفعوله الأول؛ وأخر عنه ليتصل به ما هو شرح وتفسير لحالهما، ويتضح بذلك حال الكفرة، والمراد ضرب الله تعالى مثلا لحال أولئك حال * (امرأة) * الخ، فقوله تعالى:
* (كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين) * بيانا لحالهما الداعية لهما إلى الخير والصلاح، ولم يقل: تحتهما للتعظيم أي كانتا في عصمة نبيين عظيمي الشأن متمكنتين من تحصيل خير الدنيا والآخرة، وحيازة سعادتهما، وقوله تعالى: * (فخانتاهما) * بيان لما صدر عنهما من الخيانة العظيمة مع تحقق ما ينافيها من مرافقة النبي عليه الصلاة والسلام، أما خيانة امرأة نوح عليه السلام فكانت تقول للناس: إنه مجنون، وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل على الضيف رواه جمع وصححه الحاكم عن ابن عباس.
وأخرج ابن عدي. والبيهقي في " شعب الإيمان "، وابن عساكر عن الضحاك أنه قال: خيانتهما النميمة، وتمامه في رواية: كانتا إذا أوحى الله تعالى بشيء أفشتاه للمشركين، وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج أنه قال: خيانتهما أنهما كانتا كافرتين مخالفتين، وقيل: كانتا منافقتين، والخيانة. والنفاق قال الراغب: واحد إلا أن الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والأمانة، والنفاق يقال اعتبارا بالدين ثم يتداخلان، فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد في السر ونقيضها الأمانة، وحمل ما في الآية على هذا، ولا تفسر ههنا بالفجور لما أخرج غير واحد عن ابن عباس " ما زنت امرأة نبي قط " ورفعه أشرس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفي " الكشاف " لا يجوز أن يراد بها الفجور لأنه سمج في الطبع نقيصة عند كل أحد بخلاف الكفر فإن الكفر لا يستسمجونه ويسمونه حقا.
ونقل ابن عطية عن بعض تفسيرها بالكفر. والزنا. وغيره، ولعمري لا يكاد يقول بذلك إلا ابن زنا، فالحق عندي أن عهر الزوجات كعهر الأمهات من المنفرات التي قال السعد: إن الحق منعها في حق الأنبياء عليهم السلام، وما ينسب للشيعة مما يخالف ذلك في حق سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم كذب عليهم فلا تعول عليه وإن كان شائعا، وفي هذا على ما قيل: تصوير لحال المرأتين المحاكية لحال الكفرة في خيانتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالكفر والعصيان مع تمكنهم التام من الإيمان والطاعة، وقوله تعالى: