ووضع الموصول موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بما في حيز الصلة من الكفر وتعليل الحكم به، وجوز أن يراد جميع الكفرة وهم داخلون فيه دخولا أوليا * (هم المكيدون) * أي الذين يحيق بهم كيدهم ويعود عليهم وباله لا من أرادوا أن يكيدوه وكان وباله في حق أولئك قتلهم يوم بدر في السنة الخامسة عشر من النبوة قيل: ولذا وقعت كلمة * (أم) * مكررة هنا خمس عشرة مرة للإشارة لما ذكر، ومثله على ما قال الشهاب: لا يستبعد من المعجزات القرآنية وإن كان الانتقال لمثله خفي ومناسبته أخفى، وجوز أن يكون المعنى هم المغلوبون في الكيد من كايدته فكدته * (أم لهم إله غير الله) * يعينهم ويحرسهم من عذابه عز وجل.
* (أم لهم إلاه غير الله سبحان الله عما يشركون) *.
* (سبحان الله عما يشركون) * أي عن إشراكهم على أن ما مصدرية، أو عن شركة الذي يشركونه على أنها موصولة وقبلها مضاف مقدر والعائد محذوف.
* (وإن يروا كسفا من السمآء ساقطا يقولوا سحابمركوم) *.
* (وإن يروا كسفا) * قطعة فهو مفرد وقد قرىء في جميع القرآن كسفا وكسفا جمعا وإفرادا إلا هنا فإنه على الإفراد وحده، وتنوينه للتفخيم أي وإن يروا كسفا عظيما * (من السماء ساقطا) * لتعذيبهم * (يقولوا) * من فرط طغيانهم وعنادهم * (سحاب) * أي هو سحاب * (مركوم) * متراكم ملقى بعضه على بعض أي هم في الطغيان بحيث لو أسقطنا عليهم حسبما قالوا، أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا لقالوا هو سحاب متراكم يمطرنا ولم يصدقوا أنه كسف ساقط لعذابهم.
* (فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذى فيه يصعقون) *.
* (فذرهم) * فدعهم غير مكترث بهم وهو على ما في " البحر " أمر موادعة منسوخ بآية السيف * (حتى يلاقوا) * وقرأ أبو حيوة يلقوا مضارع لقي * (يومهم الذي فيه يصعقون) * على البناء للمفعول وهي قراءة عاصم. وابن عامر. وزيد بن علي. وأهل مكة في قول شبل بن عباد: من صعقته الصاعقة، أو من أصعقته، وقرأ الجمهور وأهل مكة في قول إسماعيل: يصعقون بفتح الياء والعين، والسلمى بضم الياء وكسر العين من أصعق رباعيا، والمراد بذلك اليوم يوم بدر، وقيل: وقت النفخة الأولى فإنه يصعق فيه من في السموات ومن في الأرض، وتعقب بأنه لا يصعق فيه إلا من كان حيا حينئذ وهؤلاء ليسوا كذلك وبأن قوله تعالى:
* (يوم لا يغنى عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون) *.
* (يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا) * أي شيئا من الإغناء بدل من يومهم، ولا يخفى أن التعرض لبيان عدم نفع كيدهم يستدعي استعمالهم له طمعا بالانتفاع به وليس ذلك إلا ما دبروه في أمره صلى الله عليه وسلم من الكيد الذي من جملته مناصبتهم يوم بدر، وأما النفخة الأولى فليست مما يجري في مدافعته الكيد والحيل، وأجيب عن الأول بمنع اختصاص الصعق بالحي فالموتى أيضا يصعقون وهم داخلون في عموم * (من) * وإن لم يكن صعقهم مثل صعق الأحياء من كل وجه وهو خلاف الظاهر فيحتاج إلى نقل صحيح، وعن الثاني بأن الكلام على نهج قوله: على لا حب لا يهتدى بمناره فالمعنى يوم لا يكون لهم كيد ولا إغناء وهو كثير في القرآن وباب من أبواب البلاغة والإحسان، وقيل: هو يوم القيامة - وعليه الجمهور - وفي بحث، وقيل: هو يوم موتهم، وتعقب بأن فيه ما فيه مع أنه تأباه الإضافة المنبئة عن اختصاصه بهم فلا تغفل * (ولا هم ينصرون) * من جهة الغير في دفع العذاب عنهم.
* (وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولاكن أكثرهم لا يعلمون) *.
* (وأن للذين ظلموا) * أي لهم ووضع الموصول موضع الضمير لما ذكر قبل وجوز العموم وهم داخلون دخولا أوليا * (عذابا) * آخر * (دون ذلك) * دون ما لاقوه من القتل أي قبله وهو - كما قال مجاهد -