تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ٤
به إماما في اللغة، وعلى هذا هو منصوب على أنه مفعول به أيضا على تسمية المحمول بالمصدر أو على أنه مفعول مطلق - لحاملات - من معناها كأنه قيل: فالحاملات حملا. وقوله تعالى شأنه:
* (إنما توعدون لص‍ادق * وإن الدين لواقع) *.
* (إنما توعدون لصادق * وإن الدين لواقع) * جواب للقسم، و * (ما) * موصولة والعائد محذوف أي إن الذي توعدونه، أو توعدون به، ويحتمل أن تكون مصدرية أي إن وعدكم، أو وعيدكم إذ توعدون يحتمل أن يكون مضارع وعد، وأن يكون مضارع أوعد، ولعل الثاني أنسب لقوله تعالى: * (فذكر بالقرآن من يخاف وعيد) * (ق: 45) ولأن المقصود التخويف والتهويل، وعن مجاهد أن الآية في الكفار وهو يؤيد الوعيد ومعنى صدقه تحقق وقوعه، وفي " الكشاف " وعد صادق - كعيشة راضية - و * (الدين) * الجزاء ووقوعه حصوله، والأكثرون على أن الموعود هو البعث، وفي تخصيص المذكورات بالإقسام بها رمز إلى شهادتها بتحقق الجملة المقسم عليها من حيث أنها أمور بديعة فمن قدر عليها فهو قادر على تحقيق البعث الموعود.
* (والسمآء ذات الحبك) * * (والسمآء ذات الحبك) * أي الطرق جمع حبيكة كطريقة، أو حباك كمثال ومثل، ويقال: حبك الماء للتكسر الجاري فيه إذ مرت عليه الريح، وعليه قول زهير يصف غديرا: مكلل بأصول النجم تنسجه * ريح خريق لضاحي مائه حبك وحبك الشعر لآثار تثنيه وتكسره، وتفسيرها بذلك مروي عن مقاتل. والكلبي. والضحاك، والمراد بها إما الطرق المحسوسة التي تسير فيها الكواكب، أو المعقولة التي تدرك بالبصيرة وهي ما تدل على وحدة الصانع وقدرته وعلمه وحكمته جل شأنه إذا تأملها الناظر، وقال ابن عباس. وقتادة. وعكرمة. ومجاهد. والربيع: ذات الخلق المستوى الجيد، وفي رواية أخرى عن مجاهد المتقنة البنيان، وقيل: ذات الصفاقة وهي أقوال متقاربة وكأن الحبك عليها من قولهم: حبكت الشيء أحكمته وأحسنت عمله وحبكت العقدة أوثقتها، وفرس محبوك المعاقم - وهي المفاصل - أي محكمها، وفي " الكشف " أصل الحباكة الصفاقة وجودة الأثر، وعن الحسن - حبكها - نجومها، والظاهر أن إطلاق الحبك على النجوم مجاز لأنها تزين السماء كما يزين الثوب الموشى حبكه وطرائق وشيه فكأنه قيل: ذات النجوم التي هي كالحبك أي الطرائق في التزيين، واستظهر في السماء أنه جنس أريد به جميع السموات وكون كل واحدة منها ذات حبك بمعنى مستوية الخلق جيدته، أو متقنة البنيان أو صفيقة، أو ذات طرق معقولة ظاهر، وأما كون كل منها كذلك بمعنى ذات طرق محسوسة فباعتبار أن الكواكب في أي سماء كانت تسير مسامتة لسائر السموات، فممراتها باعتبار المسامتة طرق، وبمعنى ذات النجوم فباعتبار أن النجوم في أي سماء كانت تشاهد في سائر السموات بناءا على أن السموات شفاقة لا يحجب كل منها إدراك ما وراءه، وأخرج ابن منيع عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال: هي السماء السابعة، وعن عبد الله بن عمرو مثله فتدبر ولا تغفل.
وقرأ ابن عباس. والحسن بخلاف عنه. وأبو مالك الغفاري. وأبو حيوة. وابن أبي عبلة. وأبو السماء.
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»