تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٢٩
وأخرج الديلمي عنه مرفوعا * (علموا نساءكم سورة الواقعة فإنها سورة الغنى) *.
* (إذا وقعت الواقعة) *.
بسم الله الرحم‍ان الرحيم * (إذا وقعت الواقعة) * أي إذا حدثت القيامة على أن * (وقعت) * بمعنى حدثت و * (الواقعة) * علم بالغلبة أو منقول للقيامة، وصرح ابن عباس بأنها من أسمائها وسميت بذلك للإيذان بتحقق وقوعها لا محالة كأنها واقعة في ونفسها مع قطع النظر عن الوقوع الواقع في حيز الشرط فليس الإسناد كما في - جاءني جاء - فإنه لغو لدلالة كل فعل على فاعل له غير معين، وقال الضحاك: * (الواقعة) * الصيحة وهي النفخة في الصور، وقيل: * (الواقعة) * صخرة بيت المقدس تقع يوم القيامة وليس بشيء، و * (إذا) * ظرف متضمن معنى الشرط على ما هو الظاهر، والعامل فيها عند أبي حيان الفعل بعدها فهي عنده في موضع نصب - بوقعت - كسائر أسماء الشرط وليست مضافة إلى الجملة، والجمهور على إضافتها فقيل: هي هنا قد سلبت الظرفية ووقعت مفعولا به لا ذكر محذوفا، وقيل: لم تسلب ذلك وهي منصوبة بليس، وصنيع الزمخشري يشعر باختياره.
وقيل: بمحذوف وهو الجواب أي * (إذا وقعت الواقعة) * كان كيت وكيت، قال في " الكشف " هذا الوجه العربي الجزل فالنصب بإضمار اذكر إنما كثر في إذ، وبليس إنما يصح إذا جعلت لمجرد الظرفية وإلا لوجب الفاء في ليس، وأبو حيان تعقب النصب بليس بأنه لا يذهب إليه نحوي لأن ليس في النفي ك‍ * (ما) * وهي لا تعمل، فكذا ليس فإنه مسلوبة الدلالة على الحدث والزمان، والقول: بأنها فعل على سبيل المجاز، والعامل في الظرف إنما هو ما يقع فيه من الحدث فحيث لا حدث فيها لا عمل لها فيه، ثم ذكر نحو ما ذكر " صاحب الكشف " من وجوب الفاء في ليس إذا لم تجرد عن الشرطية؛ واعترض دواه أن * (ما) * لا تعمل بأنهم صرحوا بجواز تعلق الظرف بها لتأويلها بانتفى وأنه يكفي له رائحة الفعل، ويقال عليها في ذلك ليس، وكذا دعوى وجوب الفاء في ليس إذا لم تجرد * (إذا) * عن الشرطية بأن لزوم الفاء مع الأفعال الجامدة إنما هو في جواب إن الشرطية لعملها كما صرحوا به. وأما * (إذا) * فدخول الفاء في جوابها على خلاف الأصل. وسيأتي إن شاء الله تعالى فيها قولان آخران، وبعد القيل والقال الأولى كون العامل محذوفا وهو الجواب كما سمعت. وفي إبهامه تهويل وتفخيم لأمر الواقعة.
وقوله تعالى:
* (ليس لوقعتها كاذبة) *.
* (ليس لوقعتها كاذبة) * إما اعتراض يؤكد تحقيق الوقوع. أو حال من الواقعة كما قال ابن عطية، و * (كاذبة) * اسم فاعل وقع صفة لموصوف محذوف أي نفس، وقيل: مقالة والأول أولى لأن وصف الشخص بالكذب أكثر من وصف الخبر به. و * (الواقعة) * السقطة القوية وشاعت في وقوع الأمر العظيم وقد تخص بالحرب ولذا عبر بها هنا واللام للتوقيت مثلها في قولك: كتبته لخمس خلون أي لا يكون حين وقوعها نفس كاذبة على معنى تكذب على الله تعالى وتكذب في تكذيبه سبحانه وتعالى في خبره بها، وإيضاحه أن منكر الساعة الآن مكذب له تعالى في أنها تقع وهو كاذب في تكذيبه سبحانه لأنه خبر على خلاف الواقع وحين تقع لا يبقى كاذبا مكذبا، بل صادقا مصدقا، وقيل: على معنى ليس في وقت وقوعها نفس كاذبة في شيء من الأشياء، ولا يخفى أن صحته مبنية على القول بأنه لا يصدر من أحد كذب يوم القيامة؛ وأن قولهم: * (والله ربنا ما كنا مشركين) * (الأنعام: 23) مجاب عنه بما هو مذكور في محله أو اللام على حقيقتها، و * (كاذبة) * صفة لذلك المحذوف أيضا أي * (ليس لوقعتها) * نفس كاذبة بمعنى لا ينكر وقوعها أحد ولا يقول للساعة لم تكوني لأن الكون قد تحقق كما يقول لها في الدنيا بلسان القول أو الفعل لأن من اغتر بزخارف الدنيا فقد كذب الساعة في وقعتها
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»