أن يقول لم لم يعكس أمر التقديم والتأخير في الموضعين مع أنه يتضمن الإشارة إلى ذلك أيضا، ثم ذكر في ذلك وجها ثانيا وهو على ما فيه مبني على ما لا مستند له فيه من الآثار فتدبر.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
* (فبأي ءالآء ربكما تكذبان) * وقوله عز وجل:
* (تبارك اسم ربك ذى الجلال والإكرام) *.
* (تبارك اسم ربك) * تنزيه وتقديس له تعالى فيه تقرير لما ذكر في هذه السورة الكريمة من آلائه جل شأنه الفائضة على الأنام، - فتبارك - بمعنى تعالى لأنه يكون بمعناه وهو أنسب بالوصف الآتي، وقد ورد في الأحاديث " تعالى اسمه " أي تعالى اسمه الجليل الذي من جملته ما صدرت به السورة من اسم * (الرحمن) * المنبىء عن إفاضة الآلاء المفصلة، وارتفع مما لا يليق بشأنه من الأمور التي من جملتها جحود نعمائه وتكذيبها، وإذا كان حال اسمه تعالى بملابسة دلالته عليه سبحانه كذلك فما ظنك بذاته الأقدس الأعلى؟؟.
وقيل: الاسم بمعنى الصفة لأنها علامة على موصوفها، وقيل: هو مقحم كما في قول من قال: ثم اسم السلام عليكما، وقيل: هو بمعنى المسمى، وزعم بعضهم إن الأنسب بما قصد من هذه السورة الكريمة وهو تعدد الآلاء والنعم تفسير * (تبارك) * بكثرت خيراته ثم إنه لا بعد في إسناده بهذا المعنى لاسمه تعالى إذ به يستمطر فيغاث ويستنصر فيعان، وقوله سبحانه: * (ذي الجلال والاإكرام) * صفة للرب ووصف جل وعلا بذلك تكميلا لما ذكر من التنزيه والتقرير، وقرأ ابن عامر. وأهل الشام - ذو - بالرفع على أنه وصف للاسم ووصفه بالجلال والإكرام بمعنى التكريم واضح.
هذا ومن باب الإشارة: في بعض الآيات * (الرحمن * علم القرآن) * (الرحمان: 1، 2) إشارة إلى ما أودعه سبحانه في الأرواح الطيبة القدسية من العلوم الحقانية الإجمالية عند استوائه عز وجل على عرض الرحمانية * (خلق الإنسان) * (الرحمان: 3) الكامل الجامع * (علمه البيان) * وهو تفصيل تلك العلوم الإجمالية * (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه) * (القيامة: 18، 19) * (الشمس والقمر بحسبان) * (الرحمان: 5) يشير إلى شمس النبوة وقمر الولاية الدائرتين في فلك وجود الإنسان بحساب التجليات ومراتب الاستعدادات، و * (النجم) * القوى السفلية * (والشجر) * الاستعدادات العلوية * (يسجدان) * (الرحمان: 6) يتذللان بين يديه تعالى عند الرجوع إليه سبحانه * (والسماء) * سماء القوى الإلهية القدسية * (رفعها) * فوق أرض البشرية * (ووضع الميزان) * القوة المميزة * (ألا تطغوا في الميزان) * (الرحمان: 8) لا تتجاوزوا عند أخذ الحظوظ السفلية وإعطاء الحقوق العلوية.
وجوز أن يكون * (الميزان) * الشريعة المطهرة فإنها ميزان يعرف به الكامل من الناقص * (والأرض) * أرض البشرية * (وضعها) * بسطها وفرشها * (للأنام) * (الرحمان: 10) للقوى الإنسانية * (فيها فاكهة) * من فواكه معرفة الصفات الفعلية * (والنخل ذات الأكمام) * (الرحمان: 11) وهي الشجرة الإنسانية التي هي المظهر الأعظم وذات أطوار كل طور مستور بطور آخر * (والحب) * هو حب الحب المبذور في مزارع القلوب السليمة من الدغل * (ذو العصف) * أوراق المكاشفات * (والريحان) * (الرحمان: 12) ريحان المشاهدة * (رب المشرقين ورب المغربين) * (الرحمان: 17) رب مشرق شمس النبوة ومشرق قمر الولاية في العالم الجسماني ورب مغربهما في العالم الروحاني * (مرج البحرين) * بحر سماء القوى العلوية وبحر أرض القوى السفلية * (يلتقيان * بينهما برزخ) * (الرحمان: 19، 20) حاجز القلب * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * (الرحمان: 22) أنواع أنوار الأسرار ونيران الأشواق * (وله الجوار المنشآت) * سفن الخواطر المسخرة في بحر الإنسان * (كل من عليها فان) * (الرحمان: 26) ما شم رائحة الوجود * (ويبقى وجه ربك) * الجهة التي تليه سبحانه وهي شؤوناته عز وجل * (ذو الجلال) * أي الاستغناء التام عن جميع المظاهر * (والإكرام) * (الرحمان: 27) الفيض العام يفيض على القوابل حسبما استعدت له وسألته بلسان حالها، وإليه الإشارة بقوله تعالى: * (يسأله من في السموات