عادوه * (من بعد ما تبين لهم الهدى) * لما شاهدوا من نعته عليه الصلاة والسلام في التوراة أو بما ظهر على يديه صلى الله عليه وسلم من المعجزات ونزل عليه عليه الصلاة والسلام من الآيات وهم بنو قريظة والنضير أو المطعمون يوم بدر وقد تقدم ذكرهم، وقيل: أناس نافقوا بعد أن آمنوا * (لن يضروا الله) * بكفرهم وصدهم * (شيئا) * من الأشياء أو شيئا من الضرر أو لن يضروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشاقته شيئا؛ وقد حذف المضاف لتعظيمه عليه الصلاة والسلام بجعل مضرته وما يلحقه كالمنسوب إلى الله تعالى وفيه تفظيع مشاقته صلى الله عليه وسلم.
* (وسيحبط أعمالهم) * في مكايدهم التي نصبوها في إبطال دينه تعالى ومشاقة رسوله عليه الصلاة والسلام فلا يصلون بها إلى ما كانوا يبغون من الغوائل ولا تثمر لهم إلا القتل والجلاء عن أوطانهم ونحو ذلك، وجوز أن يراد أعمالهم التي عملوها في دينهم يرجون بها الثواب.
* (ياأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) *.
* (يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) * قيل: إن بني أسد أسلموا وقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: قد آثرناك وجئناك بنفوسنا وأهلنا كأنهم منوا بذلك فنزلت فيهم هذه وقوله تعالى: * (يمنون عليك أن أسلموا) * (الحجرات: 17) ومن هنا قيل المعنى لا تبطلوا أعمالكم بالمن بالإسلام، وعن ابن عباس بالرياء والسمعة وعنه أيضا بالشك والنفاق، وقيل: بالعجب فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وقيل: المراد بالأعمال الصدقات أي تبطلوها بالمن والأذى، وقيل: لا تبطلوا طاعاتكم بمعاصيكم، أخرج عبد بن حميد. وابن جرير. عن قتادة أنه قال في الآية: من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا بعمل سوء فليفعل ولا قوة إلا بالله تعالى، وأخرج عبد بن حميد. ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة. وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع لا إله إلا الله ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل حتى نزلت * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) * (محمد: 33) فخافوا أن يبطل الذنب العمل، ولفظ عبد بن حميد فخافوا الكبائر أن تحبط أعمالهم، وأخرج ابن نصر. وابن جرير. وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: كنا معاشر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نرى أنه ليس شيء من الحسنات إلا مقبولا حتى نزلت * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) * (محمد: 33) فخافوا أن يبطل الذنب العمل، ولفظ عبد بن حميد فخافوا الكبائر أن تحبط أعمالهم، وأخرج ابن نصر. وابن جرير. وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: كنا معاشر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نرى أنه ليس شيء من الحسنات إلا مقبولا حتى نزلت * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) * فلما نزلت هذه الآية قلنا: ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا: الكبائر الموجبات والفواحش فكنا إذا رأينا من أصاب شيئا منها قلنا: قد هلك حتى نزلت هذه الآية * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * (النساء: 48) فلما نزلت كففنا عن القول في ذلك وكنا إذا رأينا أحدا أصاب منها شيئا خفنا عليه وإن لم يصب منها شيئا رجونا له، واستدل المعتزلة بالآية على أن الكبائر تحبط الطاعات بل الكبيرة الواحدة تبطل مع الإصرار الأعمال ولو كانت بعدد نجوم السماء، وذكروا في ذلك من الأخبار ما ذكروا. وفي " الكشف " لا بد في هذا المقام من تحرير البحث بأن يقال: إن أراد المعتزلة أن نحو الزنا إذا عقب الصلاة يبطل ثوابها مثلا فهذا لا دليل عليه نقلا وعقلا بل هما متعادلان على ما دل عليه صحاح الأحاديث، وكفى بقوله تعالى: * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) * (الزلزلة: 7، 8) حجة بالغة، وإن أرادوا أن عقابه قد يكبر حتى لا يعاد له صغار الحسنات فهذا صحيح والكلام حينئذ في تسميته أحباطا، ولا بأس به لكن عندنا أن هذا الإحباط غير لازم وعندهم لازم، وهو مبني على جواز العفو وهي مسألة