والجملة قيل معطوفة على قوله تعالى: * (معكم) * وهي وإن لم تقع حالا استقلالا لتصديرها بحرف الاستقبال المنافي للحال على ما صرح به العلامة التفتازاني وغيره لكنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في غيره، وقيل: المانع من وقوع المصدرة بحرف الاستقبال حالا مخالفته للسماع وإلا فلا مانع من كونها حالا مقدرة مع أنه يجوز أن تكون * (لن) * لمجرد تأكيد النفي، والظاهر أن المانعين بنو المنع على المنافاة وإنها إذا زالت باعتبارا أحد الأمرين فلا منع لكن قيل: إن الحال المقصود منها بيان الهيئة غير الحال الذي هو أحد الأزمنة والمنافاة إنما هي بين هذا الحال والاستقبال. وهذا نظير ما قال مجوز ومجيء الجملة الماضية حالا بدون قد، وما لذلك وما عليه في كتب النحو، وإذاجعلت الجملة قبل مستأنفة لم يكن إشكال في العطف أصلا.
* (إنما الحيواة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسالكم أموالكم) *.
* (إنما الحياوة الدنيا لعب ولهو) * لا ثبات لها ولا اعتداد بها * (وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم) * أي ثواب إيمانكم وتقواكم من الباقيات الصالحات التي يتنافس فيها المتنافسون * (ولا يسألكم) * عطف على الجزاء والإضافة للاستغراق، والمعنى إن تؤمنوا لا يسألكم جميع أموالكم كما يأخذ من الكافر جميع ماله، وفيه مقابلة حسنة لقوله تعالى: * (يؤتكم أجوركم) * كأنه قيل: يعطكم كل الأجور ويسألكم بعض المال وهو ما شرعه سبحانه من الزكاة، وقول سفيان بن عيينة أي لا يسألكم كثيرا من أموالكم إنما يسألكم ربع العشر فطيبوا أنفسكم بيان لحاصل المعنى، وقيل: أي لا يسألكم ما هو مالكم حقيقة وإنما يسألكم ماله عز وجل وهو المالك لها حقيقة وهو جل شأنه المنعم عليكم بالانتفاع بها، وقيل: أي لا يسألكم أموالكم لحاجته سبحانه إليها بل ليرجع إنفاقكم إليكم، وقيل: أي لا يسألك الرسول صلى الله عليه وسلم شيئا من أموالكم أجرا على تبليغ الرسالة كما قال تعالى: * (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) * (ص: 86) ووجه العليق عليها غير ظاهر وفي بعضها أيضا ما لا يخفى.
* (ؤإن يسالكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم) *.
* (إن يسألكموها) * أي أموالكم * (فيحفكم) * فيجهدكم بطلب الكل فإن الإحفاء والإلحاف المبالغة وبلوغ الغاية في كل شيء يقال: أحفاه في المسئلة إذا لم يترك شيئا من الإلحاح وأحفى شاربه استأصله وأخذه أخذا متناهيا، وأصل ذلك على ما قال الراغب: من أحفيت الدابة جعلته حافيا أي منسحج الحافر والبعير جعلته منسحج الفرسن من المشي حتحتى يرق * (تبخلوا) * جواب الشرط، والمراد بالبخل هنا ترك الإعطاء إذ هو على المعنى المشهور أمر طبيعي لا يترتب على السؤال * (ويخروج أضغانكم) * أي أحقادكم لمزيد حبكم للمال وضمير * (يخرج) * لله تعالى ويعضده قراءة يعقوب. ورويت أيضا عن ابن عباس * (ونخرج) * بالنون مضمومة، وجوز أن يكون للسؤال أو للبخل فإنه سبب إخراج الأضغان والإسناد على ذلك مجازي، وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو * (ويخرج) * بالرفع على الاستئناف، وجوز جعل الجملة حالا بتقدير وهو يخرج وحكاها أبو حاتم عن عيسى، وفي " اللوامح " عن عبد الوارث عن أبي عمرو * (ويخرج) * بالياء التحتية وفتحها وضم الراء والجيم * (أضغانكم) * بالرفع على الفاعلية.
وقرأ ابن عباس. ومجاهد. وابن سيرين. وابن محيصن. وأيوب بن المتوكل. واليماني * (وتخرج) * بتاء التأنيث ورفع * (أضغانكم) *، وقرىء * (ويخرج) * بضم الياء التحتية وفتح الراء * (أضغانكم) * رفعا على النيابة عن الفاعل وهي