فعلى وأنه علم وليس بفعل ثم قال: بل هو مثل أرمل وأرملة إذا سمي بهما ولذا لم ينصرف، وليس اسم فعل أيضا بدليل أولاة في تأنيثه بالرفع يعني أنه معرب ولو كان اسم فعل كان مبنيا مثله. وتعقب بأنه لا مكانع من كون أولاة لفظا آخر بمعناه فلا يرد من ذلك على قائلي ما تقدم أصلا، وجاء أول أفعل تفضيل وظرفا كقبل وسمع فيه أولة كما نقله أبو حيان، وقيل: الأحسن كونه أفعل تفضيل بمعنى أحق وأحرى وهو خبر لمبتدأ محذوف يقدر في كل مقام بما يليق به والتقدير ههنا العقاب أولى لهم، وروى ذلك عن قتادة ومال إلى هذا القول ابن عطية، وعلى جميع هذه الأقوال قوله تعالى:
* (طاعة وقول معروف فإذا عزم الامر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم) *.
* (طاعة وقول معروف) * كلام مستقل محذوف منه أحد الجزأين أما الخبر وتقديره خير لهم أو أمثل، وهو قول مجاهد ومذهب سيبويه. والخليل، وأما المبتدأ وتقديره الأمر أو أمرنا طاعة أي الأمر المرضي لله تعالى طاعة، وقيل: أي أمرهم طاعة معروفة وقول معروف أي معلوم حال أنه خديعة، وقيل: هو حكاية قولهم قبل الأمر بالجهاد أي قالوا أمرنا طاعة ويشهد له قراءة أبي * (يقولون طاعة وقول معروف) * وذهب بعض إلى أن * (أولى) * أفعل تفضيل مبتدأ و * (لهم) * صلته واللام بمعنى الباء * (وطاعة) * خبر كأنه قيل فأولى بهم من النظر إليك نظر المغشي عليه من الموت طاعة وقول معروف، وعليه لا يكون كلاما مستقلا ولا يوقف على * (لهم) * ومما لا ينبغي أن يلتفت إليه ما قيل: إن * (طاعة) * صفة لسورة في قوله تعالى: * (فإذا أنزلت سورة) * (محمد: 20) والمراد ذات طاعة أو مطاعة. وتعقبه أبو حيان بأنه ليس بشيء لحيلولة الفصل الكثير بين الصفة والموصوف * (فإذا عزم الأمر) * أي جد والجد أي الاجتهاد لأصحاب الأمر إلا أنه أسند إليه مجازا كما في قوله تعالى: * (إن ذلك من عزم الأمور) * ومنه قول الشاعر: قد جدت الحرب بكم فجدوا والظاهر أن جواب * (إذا) * قوله تعالى: * (فلو صدقوا الله) * وهو العامل فيها ولا يضر اقترانه بالفاء ولا تمنع من عمل ما بعدها فيما قبلها في مثله كما صرحوا به، وهذا نحو إذا جاء الشتاء فلو جئتني لكسوتك، وقيل: الجواب محذوف تقديره فإذا عزم الأمر كرهوا أو نحو ذلك قاله قتادة. وفي " البحر " من حمل * (طاعة وقول معروف) * على أنهم يقولون ذلك خديعة قدر فإذا عزم الأمر ناقضوا وتعاصوا، ولعل من يجعل القول السابق للمؤمنين في ظاهر الحال وهم المنافقون جوز هذا التقدير أيضا، وقدر بعضهم الجواب فاصدق وهو كما ترى، وأيا ما كان فالمراد فلو صدقوا الله فيما زعموا من الحرص على الجهاد ولعلهم أظهروا الحرص عليه كالمؤمنين الصادقين، وقيل: في قولهم: * (طاعة وقول معروف) *، وقيل: في إيمانهم * (لكان) * أي الصدق * (خيرا لهم) * مما ارتكبوه وهذا مبني على ما في زعمهم من أن فيه خيرا وإلا فهو في نفس الأمر لا خير فيه.
* (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الارض وتقطعوا أرحامكم) *.
* (فهل عسيتم) * خطاب لأولئك الذين في قلوبهم مرض بطريق الالتفات لتأكيد التوبيخ وتشديد التقريع، وهل للاستفهام والأصل فيه أن يدخل الخبر للسؤال عن مضمونه والإنشاء الموضوع له عسى ما دل عليه بالخبر أي فهل يتوقع منكم وينتظر * (إن توليتم) * أمور الناس وتأمرتم عليهم فهو من الولاية والمفعول به محذوف وروى ذلك عن محمد بن كعب وأبي العالية والكلبي * (أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) * تناحرا على الولاية وتكالبا على جيفة الدنيا والمتوقع كل من يقف على حالهم إلا الله عز وجل إذ لا يصح من سبحانه ذلك والاستفهام أيضا بالنسبة إلى غيره جل وعلا فالمعنى إنكم لما عهد منكم من الأحوال الدالة على الحرص على