الجنس بدون اعتبار حصوله في الأفراد وبينه مع اعتبار عدم حصوله فيها بل لأنها لو كانت للاستثناء لما أفراد الكلام التوحيد لأنه يكون حاصله حينئذ أن هذا الجنس على تقدير عدم دخول هذا الفرد فيه منتف فيفهم منه عدم انتفائه في أفراد غير خارج عنها ذلك الفرد فأين التوحيد، فالواجب حملها على معنى غير وجعلها تابعة لمحل اسم لا بدلا عنه أو صفة كما في قوله: وكل أخ مفارقه أخوه * لعمر أبيك إلا الفرقدان كذا رأيته في بعض نسخ قديمة وذكره بعض شيوخ مشايخنا العلامة الطبقجلي في رسالته شرح الكلمة الطيبة ولم يتعقبه بشيء، وعندي أن ما ذكر في نفي كون إلا للإستثناء على ذلك التقدير لا يخلو عن نظر، ثم إنه قيل: إذا كان مضمون المركب على ذلك التقدير أن هذا الجنس منتف فيما عدا هذا الفرد كانت القضية شخصية ولها لازم هو قضية كلية - أعني قولنا كل ما يعتبر فردا له سوى هذا الفرد فهو منتف - ولا استبعاد في شيء من ذلك.
وذهب الكثير إلى تقدير الخبر موجود وأجاب عن الإشكال بأنه يلزم نفي الإمكان العام من جانب الوجود عن الآلهة غير الله تعالى وذلك مبني على مقدمة قطعية معلومة للعقلاء هي أن المعبود بالحق لا يكون إلاواجب الوجود فيصير المعني لا معبود بحق موجود إلا الله وإذا ليس موجودا ليس ممكنا لأنه لو كان ممكنا لكان واجبا بناء على المقدمة القطعية فيكون موجودا، وقد أفادت الكلمة الطيبة أنه ليس بموجود فليس بممكن لأن نفي اللازم يدل على نفي الملزوم. واعترض بأن المقدمة القطعية وإن كانت صحيحة في نفس الأمر لكنها غير مسلمة عند المشركين لأنهم يعبدون الأصنام ويعتقدونها آلهة مع اعترافهم بأنها ممكنة محتاجة إلى الصانع * (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله) * (لقمان: 25) فيمكن أن يعترف المكلف بالكلمة الطيبة ويعتقد أن نفي الوجود لا يستلزم نفي الإمكان فيمكن عنده وجود آلهة غير الله فلا يكون التلفظ بالكلمة نصا على إيمانه ولو كانت المقدمة المذكورة مسلمة عند الكل لأمكن أن يقدر الخبر من أول الأمر موجود بالذات أي لا إله موجود بالذات إلا الله وإذا لم يكن غيره تعالى موجودا بالذات لم يكن مستحقا للعبادة لأن المستحق لها لا يكون إلا واجبا لذاته.
وقد قرر الجواب بوجهين آخرين. الأول أن لا إله موجود قضية سالبة حملية لا بد لها من جهة وهي الإمكان العام فيكون المعنى أن الجانب المخالف للسلب وهو إثبات الوجود ليس ضروريا للآلهة إلا الله تعالى فإنه موجود بالإمكان العام أي جانب السلب ليس ضروريا له تعالى فيكون الوجود ضروريا له سبحانه تحقيقا للتناقض بين المستثنى والمستثنى منه. الثاني أن لا إله موجود بالإمكان العام سالبة كلية ممكنة عامة فيكون المتحصل بالاستثناء الذي هو نقيض موجبة جزئية ضرورية أي الله موجود بالضرورة. وأورد على التقريرين أنهما إنما يتمان إذا كان كل من طرفي المستثنى والمستثنى منه قضية مستقلة وهو ممنوع. والصحيح عند أهل العربية أنهما كلام واحد مقيد بالاستثناء فلا يجري فيهما أحكام التناقض إلا أن يؤول بالمعنى اللغوي، وأيضا جعل الله موجود بالضرورة قضية جزئية فيه تساهل، وقيل: يمكن أن يقال الخبر المقدر هو الموجود مطلقا سواء كان بالفعل أو بالإمكان على استعمال المشترك في كلا معنييه أو على تأويله بما يطلق عليه اسم الموجود وهو كما ترى، وقيل: يجوز تقديره ممكن ونفي الإمكان يستلزم نفي الوجود لأن الاله واجب الوجود وإمكان اتصاف شيء بوجوب الوجود يستلزم