" كان نبي من الأنبياء يخط فمن صادف مثل خطه علم ". وفي رواية عن الحبر أنه قال: أن أثارة من علم * (خط) * كان يخطه العرب في الأرض، وهذا ظاهر في تقوية أمر علم الرمل وأنه شيء له وجه ويرشد إلى بعض الأمور، وفي ذلك كلام يطلب من محله. وفي " البحر " قيل: إن صح تفسير ابن عباس الأثارة بالخط في التراب كان ذلك من باب التهكم بهم وبأقوالهم ودلائلهم، والتنوين للتقليل و * (من علم) * صفة أي أو ائتوني بأثارة قليلة كائنة من علم * (إن كنتم صادقين) * في دعواكم فإنها لا تكاد تصح ما لم يقم عليها برهان عقلي أو دليل نقلي وحيث لم يقم عليها شيء منهما وقد قاما على خلافها تبين بطلانها. وقرىء * (إثارة) * بكسر الهمز وفسرت بالمناظرة فإنها تثير المعاني، قيل: وذلك من باب الاستعارة على تشبيه ما يبرز ويتحقق بالمناظرة بما يثور من الغبار الثائر من حركات الفرسان. وقرأ علي. وابن عباس رضي الله تعالى عنهم بخلاف عنهما. وزيد بن علي. وعكرمة. وقتادة. والحسن. والسلمي. والأعمش. وعمرو بن ميمون * (أثرة) * بغير ألف وهي واحدة جمعها أثر كقترة وقتر، وعلي كرم الله تعالى وجهه. والسلمي. وقتادة أيضا بإسكان الثاء وهي الفعلة الواحدة مما يؤثر أي قد قنعت منكم بخبر واحد أو أثر واحد يشهد بصحة قولكم؛ وعن الكسائي ضم الهمزة وإسكان الثاء فهي اسم للمقدار كالغرفة لما يغرف باليد أي ائتوني بشيء ما يؤثر من علم، وروي عنه أيضا أنه قرأ * (إثرة) * بكسر الهمزة وسكون الثاء وهي بمعنى الأثرة بفتحتين.
* (ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعآئهم غافلون) *.
* (ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له) * إنكار لأن يكون أضل من المشركين، وذكر بعض الفضلاء أن المراد نفي أن يكون أحد يساويهم في الضلالة وإن كان سبك التركيب لنفي الأضل، وقد مر ما يتعلق بذلك فتذكر أي هو أضل من كل ضال حيث ترك دعاء المجيب القادر المستجمع لجميع صفات الكل كما يشعر بذلك الاسم الجليل ودعا من ليس شأنه الاستجابة له وإسعافه بمطلوبه * (إلى يوم القيامة) * أي ما دامت الدنيا، وظاهره أنه بعدها تقع الاستجابة وليس بمراد لتحقق ما يدل على خلافه، فهذه الغاية على ما في الانتصاف من الغايات المشعرة بأن ما بعدها وإن وافق ما قبلها إلا أنه أزيد منه زيادة بينة تلحقه بالمباين حتى كأن الحالتين وإن كانتا نوعا واحدا لتفاوت ما بينهما كالشيء وضده، وذلك أن الحالة الأولى التي جعلت غايتها القيامة لا تزيد على عدم الاستجابة، والحالة الثانية التي في القيامة زادت على عدم الاستجابة بالعداوة وبالكفر بعبادتهم إياهم كما ينطق به ما بعد فهو من وادي قوله تعالى: في سورة (الزخرف: 29) * (بل متعت هؤلاء وآباءهم) * الآية، ونحوه قوله سبحانه في إبليس: * (إن عليك لعنتي إلى يوم الدين) * (ص: 78) وقد يقال: المراد بهذه الغاية التأبيد كما قيل في قوله تعالى: * (خالدين فيها ما دامت السموات) * (هود: 107) وقولهم: ما دام ثبير، وقال بعضهم: لا إشكال في الآية لأن الغاية مفهوم فلا تعارض المنطوق، وفيه بحث، ففي " الدرر " و " الينبوع " عن البديع أن الغاية عندنا من قبيل إشارة النص لا المفهوم. وقال الزركشي في شرح جمع الجوامع: ذهب القاضي أبو بكر إلى أن الحكم في الغاية منطوق وادعى أن أهل اللغة صرحوا بأن تعليق الحكم بالغاية موضوع على أن ما بعدها خلاف ما قبلها لأنهم اتفقوا على أنها ليست كلاما مستقلا فإن قوله تعالى: * (حتى تنكح زوجا غيره) * (البقرة؛ 230) وقوله سبحانه: * (حتى يطهرن) * لا بد فيه من إضمار لضرورة تتميم الكلام؛ وذلك أن المضمر إما ضد ما قبله أولا والثاني باطل لأنه ليس في الكلام ما يدل عليه فيقدر حتى يطهرن فاقربوهن، حتى تنكح زوجا غيره فتحل، قال: والمضمر بمنزلة الملفوظ فإنه إنما