والجملة بعدها خبر وجملة المبتدأ والخبر معلق عنها الفعل القلبي وهو إما متعد لواحد أو اثنين، وجوز أن تكون * (ما) * موصولة في محل نصب على المفعولية لفعل الدراية وهو حينئذ متعد لواحد والجملة بعدها صلة، وأن تكون حرفا مصدريا فالمصدر مفعول * (أدري) * والاستفهامية أقضي لحق مقام التبري عن الدراية، و * (لا) * لتذكير النفي المنسحب على * (ما يفعل) * الخ وتأكيده، ولولا اعتبار الانسحاب لكان التركيب ما يفعل بي وبكم دون * (لا) * لأنه ليس محلا للنفي ولا لزيادة لا ونظير ذلك زيادة * (من) * في قوله تعالى: * (ما يود الذي كفروا... أن ينزل عليكم من خير) * (البقرة: 105) لانسحاب النفي فإنه إذا انتفت ودادة التنزيل انتفى التنزيل، وزيادة الباء في قوله سبحانه: * (أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي يخلقهن بقادر) * (الأحقاف: 33) لانسحاب النفي، على أن مع ما في حيزها ولولاه ما زيدت الباء في الخبر، وقيل: الأصل ولا ما يفعل بكم فاختصر، وقيل: ولا بكم، وقرأ زيد بن علي وابن أبي عبلة * (يفعل) * بالبناء للفاعل وهو ضمير الله عز وجل: * (ان أتبع إلا ما يوحى إلي) * أي ما أفعل إلا اتباع ما يوحى إلي على معنى قصر أفعاله صلى الله عليه وسلم على اتباع الوحي، والمراد بالفعل ما يشمل القول وغيره. وهذا جواب عن اقتراحهم الاخبار عما لو يوح إليه عليه الصلاة والسلام من الغيوب، والخطاب السابق للمشركين.
وقيل: عن استعجال المسلمين أن يتخلصوا عن أذية المشركين والخطاب السابق لهم، والأول أوفق لقوله تعالى: * (وما أنا إلا نذير) * أنذركم عقاب الله تعالى حسبما يوحى إلى * (مبين) * بين الإنذار بالمعجزات الباهرة، والحصر إضافي. وقرأ ابن عمير * (يوحى) * على البناء للفاعل.
* (قل أرءيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بنىإسراءيل على مثله فاامن واستكبرتم إن الله لا يهدى القوم الظالمين) *.
* (قل أرأيتم إن كان) * أي ما يوحى إلي من القرآن، وقيل: الضمير للرسول، وفيه أن الظاهرة لو كان المعنى عليه كنت * (من عند الله) * لا سحرا ولا مفتري كما تزعمون * (وكفرتم به) * الواو للحال والجملة حال بتقدير قد على المشهور من الضمير في الخبر وسطت بين أجزاء الشرط اهتماما بالتسجيل عليهم بالكفر أو للعطف على * (كان) * كما في قوله تعالى: * (قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به) * وكذا الواو في قوله تعالى: * (وشهد شاهد من بني إسرائيل) * إلا أنها تعطفه بماعطف عليه على جملة ما قبله، فالجمل المذكورات بعد الواوات ليست متعاطفة على نسق واحد بل مجموع * (شهد) * * (فآمن واستكبرتم) * معطوف على مجموع * (كان) * وما معه، مثله في المفردات * (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) * (الحديد: 3) والمعنى أن اجتمع كونه من عند الله تعالى مع كفركم واجتمع شهادة الشاده فإيمانه مع استكباركم عن الايمان، وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام في جواب الشرط وفي مفعولي * (أرأيتم) * وضمير * (به) * عائد على ما عاد عليه اسم كان وهو ما يوحي من القرآن أو الرسول، وعن الشعبي أنه للرسول، ولعله يقول في ضمير * (كان) * أيضا كذلك وكذا في ضمير * (على مثله) * لئلا يلزم التفكيك. وأنت تعلم أن الظاهر رجوع الضمائر كلها للقرآن، وتنوين * (شاهد) * للتفخيم، وكذا وصفه بالجار والمجرور أي وشهد شاهد عظيم الشأن من بني إسرائيل الواقفين على شؤن الله تعالى وأسرار الوحي بما أوتوا من التوراة على مثل القرآن من المعاني المنطوية في التوراة من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك فإنها في الحقيقة عين ما فيه كما يعرب عنه قوله تعالى: * (وأنه لفي زبر الأولين) * (الشعراء: 196) على وجه، وكذا قوله سبحانه: * (إن هذا لفي الصحف الأولى) * (الأعلى: 18) والمثلية باعتبا رتأديتها بعبارات أخرى أو على مثل ما ذكر من كونه من عند الله تعالى والمثلية لما ذكر، وقيل: على مثل شهادته أي لنفسه بأنه من عند الله تعالى كأنه لإعجازه يشهد لنفسه بذلك، وقيل مثل كناية عن القرآن نفسه للمبالغة، وعلى تقدير كون الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم فسر المثل بموسى عليه السلام.