تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٦ - الصفحة ٥
والحال أنهم غير مؤمنين به معرضون عنه غير مستعدين لحلوله.
* (قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أرونى ماذا خلقوا من الارض أم لهم شرك فى السم‍اوات ائتونى بكت‍ابمن قبل ه‍اذآ أو أث‍ارة من علم إن كنتم ص‍ادقين) *.
* (قل) * توبيخا لهم وتبكيتا * (أرأيتم) * أخبروني وقرىء * (أرأيتكم) * * (ما تدعون) * ما تعبدون * (من دون الله) * من الأصنام أو جميع المعبودات الباطلة ولعله الأظهر، والموصول مفعول أول - لأرأيتم - وقوله تعالى: * (أروني) * تأكيد له فإنه بمعنى أخبروني أيضا، وقوله تعالى: * (ماذا خلقوا) * جوز فيه أن تكون * (ما) * اسم استفهام مفعولا مقدما - لخلقوا - و * (ذا) * زائدة وأن تكون * (ماذا) * اسما واحدا مفعولا مقدما أي أي شيء خلقوا وأن تكون اسم استفهام مبتدأ أو خبرا مقدما و * (ذا) * اسم موصول خبرا أو مبتدأ مؤخرا وجملة * (خلقوا) * صلة الموصول أي ما الذي خلقوه، وعلى الأولين جملة * (خلقوا) * مفعول ثان - لأرأيتم - وعلى ما بعدهما جملة * (ماذا خلقوا) * وجوز أن يكون الكلام من باب الأعمال وقد أعمل الثاني وحذف مفعول الأول واختاره أبو حيان، وقيل: يحتمل أن يكون * (أروني) * بدل اشتمال من * (أرأيتم) * وقال ابن عطية: يحتمل * (أرأيتم) * وجهين. كونها متعدية و * (ما) * مفعولا لها. وكونها منبهة لا تتعدى و * (ما) * استفهامية على معنى التوبيخ، وهذا الثاني قاله الأخفش في * (أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة) *.
وقوله تعالى: * (من الأرض) * تفسير للمبهم في * (ماذا خلقوا) * قيل: والظاهر أن المراد من أجزاء الأرض وبقعها، وجوز أن يكون المراد ما على وجهها من حيوان وغيره بتقدير مضاف يؤدي ذلك، ويجوز أن يراد بالأرض السفليات مطلقا ولعله أولى * (أم لهم شرك) * أي شركة مع الله سبحانه * (في السموات) * أي في خلقها، ولعل الأولى فيها أيضا أن تفسر بالعلويات. و * (أم) * جوز أن تكون منقطعة وأن تكون متصلة، والمراد نفي استحقاق آلهتهم للمعبودية على أتم وجه، فقد نفى أولا: مدخليتها في خلق شيء من أجزاء العالم السفلي حقيقة واستقلالا، وثانيا: مدخليتها على سبيل الشركة في خلق شيء من أجزاء العالم العلوي، ومن المعلوم أن نفي ذلك يستلزم نفي استحقاق المعبودية؛ وتخصيص الشركة في " النظم الجليل " بقوله سبحانه: * (في السموات) * مع أنه لا شركة فيها وفي الأرض أيضا لأن القصد إلزامهم بما هو مسلم لهم ظاهر لكل أحد والشركة في الحوادث السفلية ليست كذلك لتملكهم وإيجادهم لبعضها بحسب الصورة الظاهرة.
وقيل: الأظهر أن تجعل الآية من حذف معادل * (أم) * المتصلة لوجود دليله والتقدير الهم شرك في الأرض أم لهم شرك في السموات وهو كما ترى، وقوله تعالى: * (ائتوني بكتاب) * إلى آخره تبكيت لهم بتعجيزهم عن الإتيان بسند نقلي بعد تبكيتهم بالتعجيز عن الإتيان بسند عقلي فهو من جملة القول أي ائتوني بكتاب الهي كائن * (من قبل ه‍اذا) * الكتاب أي القرآن الناطق بالتوحيد وإبطال الشرك دال على صحة دينكم * (أو أثارة من علم) * أي بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين شاهدة باستحقاقهم العبادة، فالإثارة مصدر كالضلالة بمعنى البقية من قولهم: سمنت الناقة على أثارة من لحم أي بقية منه.
وقال القرطبي: هي بمعنى الإسناد والرواية، ومنه قول الأعشى: إن الذي فيه تماريتما * بين للسامع والآثر وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن. وقتادة: المعنى أو خاصة من علم فاشتقاقها من الأثرة فكأنها قد آثر الله تعالى بها من هي عنده، وقيل: هي العلامة. وأخرج أحمد. وابن المنذر. وابن أبي حاتم. والطبراني. وابن مردويه من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أو أثارة من علم " قال: الخط، وروي ذلك أيضا موقوفا على ابن عباس، وفسر بعلم الرمل كما في حديث أبي هريرة مرفوعا
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»