وبئس على مذهب البصريين نحو نعم رجلا زيد وبئس غلاما عمرو، وأما أن الحال توضح المبهم وتفسره فلا نعلم أحدا ذهب إليه، وقد حصر النحاة المضمر الذي يفسره ما بعده فلم يذكروا فيه مفعول رأى إذا كان ضميرا ولا أن الحال يفسر الضمير ويوضحه، وأنت تعلم جلالة جار الله وإمامته في العربية، والعارض السحاب الذي يعرض في أفق السماء، ومنه قول الشاعر: يا من رأى عارضا أرقت له * بين ذراعي وجبهة الأسد وقول الأعشى: يا من رأى عارضا قد بت أرمقه * كأنما البرق في حافاته الشعل * (مستقبل أوديتهم) * أي متوجه أوديتهم وفي مقابلتها وهي جمع واد، وأفعلة في جمع فاعل الاسم شاذ نحو ناد وأندية وجائز للخشبة الممتدة في أعلى السقف وأجوزة والإضافة لفظية كما في قوله تعالى: * (قالوا هذا عارض ممطرنا) * ولذلك وقعا صفتين للنكرة وأطلق عليها الزمخشري مجازية ووجه التجوز أن هذه الإضافة للتوسع والتخفيف حيث لم تفد فائدة زائدة على ما كان قبل فكما أن إجراء الظرف مجرى المفعول به مجاز كذلك إجراء المفعول أو الفاعل مجرى المضاف إليه في الاختصاص ولم يرد أنها من باب الإضافة لأدنى ملابسة.
* (بل هو ما استعجلتم به) * أي من العذاب والكلام على إضمار القول قبله أي قال هود بل هو الخ لأن الخطاب بينه وبينهم فيما سبق ويؤيده أنه قرىء كذلك وقدره بعضهم قل بل هو الخ للقراءة به أيضا والاحتياج إلى ذلك لأنه إضراب ولا يصلح أن يكون من مقول من قال هذا عارض ممطرنا وقدر البغوي قال الله بل هو الخ وينفك النظم الجليل عليه كما لا يخفى. وقرىء * (بل ما استعجلتم) * أي بل هو، وقرأ قوم * (ما استعجلتم) * بضم التاء وكسر الجيم.
* (ريح) * بدل من * (ما) * أو من * (هو) * أو خبر لمبتدأ محذوف أي هي أو هو ريح * (فيها عذاب أليم) * صفة * (ريح) * لكونه جملة بعد نكرة وكذا قوله تعالى:
* (تدمر كل شىء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزى القوم المجرمين) *.
* (تدمر) * أي تهلك * (كل شيء) * من نفوسهم وأموالهم أو مما أمرت بتدميره * (بأمر ربها) * ويجوز أن يكون مستأنفا، وقرأ زيد بن علي * (تدمر) * بفتح التاء وسكون الدال وضم الميم، وقرىء كذلك أيضا إلا أنه بالياء ورفع * (كل) * على أنه فاعل * (يدمر) * وهو من دمر دمارا أي هلك، والجملة صفة أيضا والعائد محذوف أي بها أو الضمير من * (ربها) * ويجوز أن يكون استئنافا كما في قراءة الجمهور وأراد البيان أن لكل ممكن وقتا مقتضيا منوطا بأمر بارئه لا يتقدم ولا يتأخر ويكون الضمير من * (ربها) * لكل شيء فإنه بمعنى الأشياء وفي ذكر الأمر والرب والإضافة إلى الريح من الدلالة على عظمة شأنه عز وجل ما لا يخفى والفاء في قوله تعالى: * (فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم) * فصيحة أي فجأتهم الريح فدمرتهم فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم وجعلها بعضهم فاء التعقيب على القول بإضمار القول مسندا إليه تعالى وادعى أنه ليس هناك قول حقيقة بل هو عبارة عن سرعة استئصالهم وحصول دمارهم من غير ريث وهو كما ترى، وقرأ الجمهور * (لا ترى) * بتار الخطاب * (إلا مساكنهم) * بالنصب، والخطاب لكل أحد تتأتى منه الرؤية تنبيها على أن حالهم بحيث لو حضر كل أحد بلادهم لا يرى إلا مساكنهم أو لسيد المخاطبين صلى الله عليه وسلم، وقرأ أبو رجاء. ومالك بن دينار بخلاف عنهما. والجخدري. والأعمش. وابن أبي إسحق. والسلمي * (لا ترى) * بالتاء من فوق مضمومة * (إلا مساكنهم) * بالرفع وجمهور النحاة على أنه لا يجوز التأنيث مع الفصل بالا إلا في الشعر كقول ذي الرمة: / كأن جمل هم وما بقيت * إلا النحيزة والألواح والعصب