حذف المبدل منه، وقد جوزه ابن هشام في " المغنى " لا سيما وقد قامت صفته مقامه حتى كأنه لم يحذف ولم يبدل من * (أواب) * نفسه لأن أوابا صفة لمحذوف كما سمعت فلو أبدل منه كان للبدل حكمه فيكون صفة مثله، و * (من) * اسم موصول والأسماء الموصولة لا يقع منها صفة إلا الذي على الأصح، وجوز بعض الوصف بمن أيضا لكنه قول ضعيف أو مبتدأ خبره.
* (ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود) *.
* (ادخلوها) * بتأويل يقال لهم ادخلوها لمكان الإنشائية والجمع باعتبار معنى من وقوله تعالى * (بالغيب) * متعلق بمحذوف هو حال من فاعل * (خشي) * أو من مفعوله أو صفة لمصدره أي خشية ملتبسة بالغيب حيث خشي عقابه سبحانه وهو غائب عنه أو هو غائب عن الأعين لا يراه أحد، وقيل: الباء للآلة، والمراد بالغيب القلب لأنه مستور أي من خشي الرحمن بقلبه دون جوارحه بأن يظهر الخشية وليس في قلبه منها شيء وليس بشيء.
والتعرض لعنوان الرحمانية للاشعار بأنهم مع خشيتهم عقابه عز وجل راجون رحمته سبحانه أو بأن علمهم بسعة رحمته تبارك وتعالى لا يصدهم عن خشيته جل شأنه، وقال الإمام: يجوز أن يكون لفظ * (الرحمن) * إشارة إلى مقتضى الخشية لأن معنى الرحمن واهب الوجود بالخلق والرحيم واهب البقاء بالرزق وهو سبحانه في الدنيا رحمن حيث أوجدنا ورحيم حيث أبقانا بالرزق فمن يكون منه الوجود ينبغي أن يكون هو المخشيء وما تقدم أولى.
والباء في قوله تعالى: * (بقلب) * للمصاحبة، وجوز أن تكون للتعدية أي أحضر قلبا منيبا، ووصف القلب بالإنابة مع أنها يوصف بها صاحبه لما أن العبرة رجوعه إلى الله تعالى، وأغرب الإمام فجوز كون الباء للسببية فكأنه قيل: ما جاء إلا بسبب آثار العلم في قلبه أن لا مرجع إلا الله تعالى فجاء بسبب قلبه المنيب وهو كما ترى، وقوله تعالى: * (بسلام) * متعلق بمحذوف هو حال من فاعل * (ادخلوها) * والباء للملابسة، والسلام إما من السلامة أو من التسليم أي ادخلوها ملتبسين بسلامة من العذاب وزوال النعم أو بتسليم وتحية من الله تعالى وملائكته * (ذالك) * إشارة إلى الزمان الممتد الذي وقع في بعض منه ما ذكر من الأمور * (يوم الخلود) * البقاء الذي لا انتهاء له إبدا أو إشارة إلى وقت الدخول بتقدير مضاف أي ذلك يوم ابتداء الخلود وتحققه أو يوم تقدير الخلود أو إشارة إلى وقت السلام بتقدير مضاف أيضا أي ذلك يوم إعلام الخلود أي الإعلام به.
* (لهم ما يشآءون فيها ولدينا مزيد) *.
* (لهم ما يشاءون) * من فنون المطالب كائنا ما كان * (فيها) * متعلق بيشاؤن، وقيل: بمحذوف هو حال من الموصول أو من عائدة المحذوف من صلته * (ولدينا مزيد) * هو ما لا يخطر ببالهم ولا يندرج تحت مشيئتهم من معالي الكرامات التي لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ومنه كما أخرجه ابن أبي حاتم عن كثير بن مرة أن تمر السحابة بهم فتقول؛ ماذا تريدون فأمطره عليكم فلا يريدون شيئا إلا أمطرته عليهم. وأخرج البيهقي في الرؤية. والديلمي عن علي كرم الله تعالى وجهه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: * (ولدينا مزيد) * قال: " يتجلى لهم الرب عز وجل ".
وأخرج ابن المنذر. وجماعة عن أنس أنه قال في ذلك يضا: يتجلى لهم الرب تبارك وتعالى في كل جمعة، وجاء في حديث أخرجه الشافعي في الأم وغيره أن يوم الجمعة يدعى يوم المزيد، وقلي: المزيد ازواج من الحور العين عليهن تيجان أدنى لؤلؤة منها تضيء ما بين المشرق والمغرب وعلى كل سبعون حلة وأن الناظر لينفذ بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك، وقيل: هو مضاعفة الحسنة بعشر أمثالها.
* (وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا فى البلاد هل من محيص) *.
* (وكم أهلكنا قبلهم) * أي كثيرا