تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٩٤
سامع، وقيل: للرسول عليه الصلاة والسلام و * (وم) * منتصب على أنه مفعول به لاستمع أي أنتظر يوم ينادي المنادي فإن فيه تبين صحة ما قلته كما تقول لمن تعد بورود فتح: استمع كذا وكذا. والمنادى على ما في بعض الآثار جبريل عليه السلام بنفخ إسرافيل في الصور وينادي جبريل يا أيتها العظام النخرة والجلود المتمزقة والشعور المتقطعة إن الله يأمرك أن تجتمعي لفصل الحساب. وأخرج ابن عساكر. والواسطي في فضائل بيت المقدس عن يزيد بن جابر أن إسرافيل عليه السلام ينفخ في الصور فيقول: يا أيتها العظام النخرة إلى آخره فيكون المراد بالمنادى هو عليه السلام. وفي " الحواشي الشهابية " الأول هو الأصح * (من مكان قريب) * هو صخرة بيت المقدس على ما روى عن يزيد بن جابر. وكعب. وابن عباس. وبريدة. وقتادة، وهي على ما روى عن كعب أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا.
وفي " الكشاف " أنها أقرب إليها باقنين عشر ميلا وهي وسط الأرض، وأنت تعلم أن مثل هذا لا يقبل إلا بوحي، ثم إن كونها وسط الأرض مما تأباه القواعد في معرفة العروض والأطوال، ومن هنا قيل: المراد قريب ممن يناديهم فقيل: ينادي من تحت أقدامهم، وقيل: من منابت شعورهم فيسمع من كل شعرة يا أيتها العظام النخرة الخ، ومن الناس من قال: المراد بقربه كون النداء منه لا يخفى على أحد بل يستوي في سماعه كل أحد، والنداء في كل ذلك على حقيقته، وجوز أن يكون في الإعادة نظير كن في الابتداء على المشهور فهو تمثيل لإحياء الموتى بمجرد الإرادة ولا نداء ولا صوت حقيقة، ثم إن ما ذكرناه من أن المنادي ملك وأنه ينادي بما سمعت هو المأثور، وجوز أن يكون نداؤه بقوله للنفس: ارجعي إلى ربك لتدخلن مكانك من الجنة أو النار أو هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار، وأن يكون المنادى هو الله تعالى ينادي * (احشروا الذين ظلموا وأزواجهم) * (الصافات: 22) أو * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) * (ق: 24) مع قوله تعالى: * (ادخلوها بسلام) * (الحجر: 49) أو * (خذوه فغلوه) * (الحاقة: 30) أو * (أين شركائي) * (النمل: 27) أو غير ذلك، وأن يكون غيره تعالى وغير الملك من المكلفين ينادي * (يا مالك ليقض علينا ربك) * (الزخرف: 77) أو * (أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) * (الأعراف: 50) أو غير ذلك، والمعول عليه ما تقدم.
* (يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج) *.
* (يوم يسمعون الصيحة) * وهي النفخة الثانية، و * (يوم) * بدل من * (يوم يناد) * (ق: 41) الخ، والعامل فيهما ما دل عليه * (ذلك يوم الخروج) * كما تقدم، وجوز أن يكون ظرفا لما دل عليه ذلك و * (يوم ينادى) * غير معمول له بل لغيره على ما مر، وأن يكون ظرفا لينادي، وقوله تعالى: * (بالحق) * في موضع الحال من * (الصيحة) * أي يسمعونها ملتبسة بالحق الذي هو البعث، وجوز أن يكون * (الحق) * بمعنى اليقين والكلام نظير صاح بيقين أي وجد منه الصياح يقينا لا كالصدى وغيره فكأنه قيل: الصيحة المحققة، وجوز أن يكون الجار متعلقا بيسمعون على أن المعنى يسمعون بيقين، وأن يكون الباء للقسم و * (الحق) * هو الله تعالى أي يسمعون الصيحة أقسم بالله وهو كما ترى * (ذالك) * أي اليوم * (يوم الخروج) * من القبور وهو من أسماء يوم القيامة.
وقيل: الإشارة إلى النداء واتسع في الظرف فجعل خبرا عن المصدر، أو الكلام على حذف مضاف أي ذلك النداء نداء يوم الخروج أو وقت ذلك النداء يوم الخروج.
* (إنا نحن نحى ونميت وإلينا المصير) *.
* (إنا نحن نحيي ونميت) * في الدنيا من غير أن يشاركنا في ذلك أحد * (وإلينا المصير) * الرجوع للجزاء في الآخرة لا إلى غيرنا لا استقلالا ولا اشتراكا.
* (يوم تشقق الارض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير) *.
* (يوم تشقق الأرض عنهم) * بدل بعد بدل، ويحتمل أن يكون ظرفا للمصير أي ألينا مصيرهم في ذلك اليوم
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 » »»