تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٣٠
ومحاسبة النفس وملاطفة الخلق ومراقبة الحق والرضا بالقسم والمنع من الشطح الفاحش، وقالوا: لا تنزل السكينة إلا في قلب نبي أو ولى * (ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) * (الفتح: 4) فيحصل لهم الإيمان العياني والإيمان الاستدلالي البرهاني * (أنا أرسلناك شاهدا) * (الفتح: 8) على جميع المخلوقات إذ كنت أول مخلوق، ومن هنا أحاط صلى الله عليه وسلم علما بما لم يحط به غيره من المخلوقات لأنه عليه الصلاة والسلام شاهد خلق جميعها، ومن هذا المقام قال عليه الصلاة والسلام: " كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد " * (ومبشرا ونذيرا) * إذ كنت أعلم الخلق بصفات الجمال والجلال * (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) * يشير عندهم إلى كمال فناء وجوده صلى الله عليه وسلم وبقائه بالله عز وجل، أيد ذلك بقوله سبحانه: * (يد الله فوق أيديهم) * (الفتح: 10) * (سيقول لك المخلفون) * المتخلفون عن السير إلى قتال الأنفس الامارة * (من الأعراب) * من سكان بوادي الطبيعة * (شغلتنا أموالنا وأهلونا) * العوائق والعلائق * (فاستغفر لنا) * اطلب من الله عز وجل ستر ذلك عنا ليتأتى لنا السير * (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم) * لتمكن حب ذلك في قلوبهم وعدم استعدادهم لدخول غيره فيها: رضوا بالأماني وابتلوا بحظوظهم * وخاضوا بحار الحب دعوى فما ابتلوا * (قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا) * أي إن هاتيك العوائق والعلائق لا تجديكم شيئا * (بل كان الله بما تعلمون خبيرا) * (الفتح: 11) فيجازيكم عليها حسبما تقتضي الحكمة * (بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم) * بل حسبتم أن لا يرجع العقل والقوى الروحانية من السالكين السائرين إلى جهاد النفس وطلب مغانم التجليات والانس إلى ما كانوا عليه من ادراك المصالح وتدبير حال المعاش وما تقتضيه هذه النشأة * (وظننتم ظن السوء) * بالله تعالى وشؤنه عز وجل * (وكنتم) * في نفس الأمر * (قوما بورا) * (الفتح: 12) هالكين في مهالك الطبيعة وسوء الاستعداد * (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها) * وهي مغانم التجليات ومواهب الحق لأرباب الحضرات * (ذرونا نتبعكم) * دعونا نسلك مسلككم لتنال منالكم * (يريدون أن يبدلوا كلام الله) * في حقهم من حرمانهم المغانم لسوء استعدادهم * (قل لن تتبعونا كذلكم قال الله) * حكم وقضى * (من قبل) * إذ كنتم في عالم الأعيان الثابتة * (فسيقولون) * منكرين لذلك * (بل تحسدوننا) * ولهذا تمنعوننا عن الاتباع * (بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا) * (الفتح: 15) ولذلك نسبوا الحسن وهو من أقبح الصفات إلى ذوي النفوس القدسية المطهرة عن جميع الصفات الردية * (قل للمخالفين من الأعراب ستدعون) * ولا تتركون سدى * (إلى قوم أولى بأس شديد) * وهم النفس وقواها * (تقاتلونهم أو يسلمون) * ينقادون لحكم رسول العقل المنزه عن شوائب الوهم * (فإن تطيعوا) * الداعي * (يؤتكم الله) * تعالى: * (أجرا حسنا) * من أنواع المعارف والتجليات * (وان تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما) * الفتح: 16) وهو عذاب الحرمان والحجاب * (ليس على الأعمى) * وهو من لم ير في الدار غيره ديارا " حرج " في ترك السلوك والجهاد المطلوب منكم لأنه وراء ذلك * (ولا على الأعرج) * وهو من فقد شيخا كاملا سالما عن عيب في كيفية التسليك والإيصال * (حرج) * في ترك السلوك أيضا، وهو إشارة إلى ما قالوا من أن ترك السلوك خير من السوك على يد ناقص * (ولا على المريض) * بمرض العشق والهيام * (حرج) * (الفتح: 17) في ذاك أيضا لأنه مجذوب والجذبة خير من السلوك * (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) * يشير إلى المعاهدين على القتل بسيف المجاهدة تحت سمرة الانفراد عن الأهل والمال، ويقال في أكثر الآيات الآتية نحو هذا * (محمد رسول الله والدين معه أشداء على الكفار) * أعداء الله عز وجل في مقام الفرق * (رحماء فيما بينهم) * لقوة مناسبة بعضهم
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»