رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ونزلت أي لا تعملوا شيئا من ذات أنفسكم حتى تستأمروا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج الطبراني في الأوسط. وابن مردويه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: إن ناسا كانوا يتقدمون الشهر فيصومون قبل النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) * وفي رواية عن مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الكوفي دخلت على عائشة رضي الله تعالى عنها وكانت قد تبنته في اليوم الذي يشك فيه فقالت للجارية: أسقيه عسلا فقلت: إني صائم فقالت: قد نهى الله تعالى عن صوم هذا اليوم وفيه نزلت * (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا) * الخ، فالمعنى كما في المعالم لا تصوموا قبل صوم نبيكم، وأول هذا صاحب الكشف فقال: الظاهر عندي أنها استدلت بالآية على أنه ينبغي أن يتمثل أمر النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه، وقد نهى عليه الصلاة والسلام وفيه نزلت أي في مثل هذا لدلالتها على وجوب الاتباع والنهي عن الاستبداد إذ لا يلوج ذلك التفسير على وجه ينطبق على يوم الشك وحده إلا بتكلف، وهذا نظير ما نقل عن ابن مسعود في جواب المرأة التي اعترضت عليه أنه قرأت كتاب الله وما وجدت اللعن على الواشمة كما ادعاه رضي الله تعالى عنه من قوله: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه أما رأيت * (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * (الحشر: 7) قالت: بلى قال: فإنه نهى عنه. وأنت تعلم بعد الرواية الأولى عن هذا التأويل، ويعلم من هذه الروايات وغيرها أنهم اختلفوا أيضا في تفسير التقدم، وفي كثير منها تفسيره بخاص، وقال بعضهم: إن الآية عامة في كل قول وفعل ويدخل فيها أنه إذا جرت مسألة في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسبقوه في الجواب، وأن لا يمشي بين يديه إلا للحاجة، وأن يستأني في الافتتاح بالطعام، ورجح بأنه الموافق للسياق ولما عرف في الأصول من أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وفي الكلام عليه بناء على ما قاله الطيبي مجاز باعتبار القدر المشترك الصادق على الحقيقة أيضا دون التمثيل وتشبيه المعقول بالمحسوس ويسمى في الأصول بعمون المجاز وفي الصناعة بالكناية لأنها لا تنافي إرادة الحقيقة أيضا؛ ومن هنا يجوز إرادة لا تمشوا بين يديه صلى الله عليه وسلم؛ وذكر عليه الرحمة أنه لا يقدر على هذا القول مفعول بل يتوجه النهي إلى نفس الفعل فتأمل، ويحتج بالآية على اتباع الشرع في كل شيء وهو ظاهر مما تقدم، وربما احتج بها نفاة القياس وهو كما قال الكيا باطل منهم. نعم قال الجلال السيوطي: يحتج بها على تقديم النص على القياس، ولعله مبني على أن العمل بالنص أبعد من التقدم بين يدي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم: * (واتقوا الله) * أي في كل ما تأتون وتذرون من الأقوال والأفعال التي من جملتها ما نحن فيه * (إن الله سميع) * لكل مسموع ومنه أقوالكم * (عليم) * بكل المعلومات ومنها أفعالكم فمن حقه أن يتقي ويراقب.
* (ياأيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) *.
* (يا أيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) * شروع في النهي عن التجاوز في كيفية القول عند النبي صلى الله عليه وسلم بعد النهي عن التجاوز في نفس القول والفعل، وإعادة النداء مع قرب العهد به للمبالغة في الايقاظ والتنبيه والإشعار باستقلال كل من الكلامين باستدعاء الاعتناء بشأنه أي لا تبلغوا بأصواتكم وراء حد سيبلغه عليه الصلاة والسلام بصوته. وقرأ ابن مسعود * (لا ترفعوا بأصواتكم) * بتشديد * (ترفعوا) * وزيادة الباء وقد شدد الأعلم الهذلي في قوله: رفعت عيني بالحجا * زالي أناس بالمناقب