تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٤ - الصفحة ٦٨
الله تعالى من بعده رسولا وهو خلاف الظاهر، ومجىء يوسف بن يعقوب عليهما السلام المخاطبين بالبينات قيل: من باب نسبة أحوال الآباء إلى الأولاد وكذلك نسبة الأفعال الباقية إليهم، وجوز كون بعض الذين جاءهم يوسف عليه السلام حقيقة حيا؛ ففي بعض التواريخ ان وفاة يوسف عليه السلام قبل مولد موسى عليه السلام بأربعين وستين سنة فيكون من نسبة حال البعض إلى الكل، واستظهر في البحر أن فرعون يوسف عليه السلام هو فرعون موسى عليه السلام، وذكر عن أشهب عن مالك أنه بلغه أنه عمر اربعمائة وأربعين سنة، والذي ذكره أغلب المؤرخين أن فرعون موسى اسمه الريان وفرعون يوسف اسمه الوليد.
وذكر القرطبي أن فرعون الأول من العمالقة وهذا قبطي، وفرعون يوسف عليه السلام مات في زمنه، واختار القول بتغايرهما، وأمر المجيء وما معه من الأفعال على ما سمعت، وقيل: المراد بيوسف المذكور هو يوسف بن إبراهيم بن يوسف الصديق أرسله الله تعالى نبينا فأقام فيهم عشرين سنة وكان من أمرهم ما قص الله عز وجل: ومن الغريب جدا ما حكاه النقاش. والماوردي أن يوسف المذكور في هذه السورة من الجن بعثه الله تعالى رسولا إليهم، نقله الجلال السيوطي في الاتقان ولا يقبله من له أدنى إتقان. نعم القول بأن للجن نبيا منهم اسمه يوسف أيضا مما عسى أن يقبل كما لا يهفى.
وقرىء * (ألن يبعث) * بادخال عمزة الاستفهام على حرف النفي كأن بعضهم يقرر بعضا على نفي البعثة.
* (كذالك) * أي مثل ذلك الاضلال الفظيع * (يضل الله من هو مسرف) * في العصيان * (مرتاب) * في دينه شاك فيما تشهد به البينات لغلبة الوهم والانهماك في التقليد.
* (الذين يج‍ادلون فىءاي‍ات الله بغير سلط‍ان أت‍اهم كبر مقتا عند الله وعند الذين ءامنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) *.
* (الذين يج‍ادلون في ءاي‍ات الله) * بدل من الموصول الأول - أعني من - أو بيان أو صفة له باعتبار معناه كأنه قيل: كل مسرف مرتاب أو المسرفين المرتابين، وجوز نصبه بأعني مقدرا، وقوله تعالى شأنه: * (بغير سلطان) * على الأوجه المذكورة متعلق - بيجادلون - وقوله سبحانه: * (أت‍ايهم) * صفة * (سلطان) * والمراد باتيانه اتيانه من جهته سبحانه وتعالى اما على أيدي الرسل عليهم السلام فيكون ذاك إشارة إلى الدليل النقلي، واما بطريق الإفاضة على عقولهم فيكون ذاك إشارة إلى الدليل العقلي، وقد يعمم فيكون المعنى يجادلون بغير حجة صالحة للتمسك بها أصلا لا عقلية ولا نقلية.
وقوله سبحانه: * (كبر مقتا عند الله وعند الذين ءامنوا) * تقرير لما أشعر به الكلام من ذمهم وفيه ضرب من التعجب والاستعظام، وفاعل * (كبر) * ضمير راجع إلى الجدال الدال عليه * (يجادلون) * على نحو من كذب كان شرا له أي كبر الجدال في آيات الله بغير حجة مقتا عند الله الخ، أو إلى الموصول الأول وأفرد رعاية للفظه، واعترض عليه بأنه حمل على اللفظ من بعد الحمل على المعنى، وأهل العربية يجتنبونه.
وقال صاحب الكشف: هذا شيء نقله ابن الحاجب ولم يساعده غيره وهو غير مسلم أي كبر المسرف المرتاب المجادل في آيات الله بغير حجة مقتا أي كبر مقته وعظم عند الله تعالى وعند المؤمنين * (كذالك) * أي مثل ذلك الطبع الفظيع * (يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) * فيصدر عنه أمثال ما ذكر من الاسراف والارتياب والمجادلة بغير حق؛ وجوز أن يكون * (الذين) * مبتدأ وجملة * (كبر) * خبره لكن على حذفل مضاف هو المخبر عنه حقيقة أي جدال الذين يجادلون كبر مقتا، وان يكون * (الذين) * مبتدأ على حذف المضاف * (وبغير سلطان) *
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»