عند السير فوصفت باعتبار حالين أو أنها شديدة في نفسها فإذا أراد سليمان عليه السلام لينها لانت على ما يشير إليه قوله تعالى: * (بأمره) * أو أنها تلين وتعصف باقتضاء الحال، وقال ابن عباس. والحسن. والضحاك: رخاء مطيعة لا تخالف إرادته كالمأمور المنقاد، فالمراد بلينها انقيادها له وهو لا ينافي عصفها، واللين يكون بمعنى الإطاعة وكذا الصلابة تكون بمعنى العصيان * (حيث أصاب) * أي قصد وأراد كما روي عن ابن عباس. والضحاك. وقتادة، وحكى الزجاج عن العرب أصاب الصواب فأخطأ الجواب، وعن رؤبة أن رجلين من أهل اللغة قصداه ليسألاه عن هذه الكلمة فخرج إليهما فقال: أن تصيبان؟ فقالا: هذه طلبتنا ورجعا ويقال أصاب الله تعالى بك خيرا، وأنشد الثعلبي: أصاب الكلام فلم يستطع * فأخطأ الجواب لدى المعضل وعن قتادة أن أصاب بمعنى أراد لغة هجر وقيل لغة حمير، وجوز أن يكون أصاب من صاب يصوب بمعنى نزل، والهمزة للتعدية أي حيث أنزل جنوده، وحيث متعلقة بسخرنا أو بتجري.
* (والشياطين كل بنآء وغواص) *.
* (والشياطين) * عطف على الريح * (كل بناء وغواص) * بدل من * (الشياطين) * وهو بدل كل من كل إن أريد المعهودون المسخرون أو أريد من له قوة البناء والغوص والتمكن منهما أو بدل بعض إن لم يرد ذلك فيقدر ضمير أي منهم والغوص لاستخراج الحلية وهو عليه السلام على ما قيل أول من استخرج الدر.
* (وءاخرين مقرنين فى الاصفاد) *.
* (وآخرين مقرنين في الأصفاد) * عطف على * (كل) * لا على * (الشياطين) * لأنهم منهم إلا أن يراد العهد ولا على ما أضيف إليه * (كل) * لأنه لا يحسن فيه إلا الإضافة إلى مفرد منكر أو جمع معرف، والأصفاد جمع صفد وهو القيد في المشهور، وقيل الجامعة أعني الغل الذي يجمع اليدين إلى العنق قيل وهو الأنسب بمقرنين لأن التقرين بها غالبا ويسمى به العطاء لأنه ارتباط للمنعم عليه ومنه قول علي كرم الله تعالى وجهه: من برك فقد أسرك ومن جفاك فقد أطلقك؛ وقول القائل: غل يدا مطلقها وفك رقبة معتقها، وقال أبو تمام: هممي معلقة عليك رقابها * مغلولة إن العطاء إسار وتبعه المتنبي في قوله: وقيدت نفسي في ذراك محبة * ومن وجد الإحسان قيدا تقيدا وفرقوا بين فعليهما فقالوا: صفده قيده وأصفده أعطاه عكس وعده وأوعده. ولهم في ذلك كلام طويل قال فيه الخفاجي ما قال ثم قال: والتحقيق عندي أن ههنا مادتين في كل منهما ضار ونافع وقليل اللفظ وكثيره وقد ورد في إحداهما الضار بلفظ قليل مقدم والنافع بلفظ كثير مؤخر وفي الأخرى عكسه ووجهه في الأول أنه أمر واقع لأنه وضع للقيد ثم أطلق على العطاء لأنه يقيد صاحبه وعبر بالأقل في القيد لضيقه المناسب لقلة حروفه وبالأكثر في العطاء لأنه من شأن الكرم. وقدم الأول لأنه أصل أخف وعكس ذلك في وعد وأوعد فعبر في النافع بالأقل وقدم وأخر الضار وكثر حروفه لأنه مستقبل غير واقع والخير الموعود به يحمد سرعة إنجازه وقلة مدة وقوعه فإن أهنا البر عاجله وهذا يناسب قلة حروفه وفي الوعيد يحمد تأخيره لحسن الخلف والعفو عنه فناسب كثرة حروفه ثم قال: وهذا تحقيق في غاية الحسن وما عداه وهم فارغ فاعرفه والمراد بهؤلاء المقرنين المردة فتفيد الآية تفصيل الشياطين إلى عملة استعملهم عليه السلام في الأعمال الشاقة كالبناء والغوص