التغليب في * (أنتم) * على هذا على حاله، وأنت تعلم أن الظاهر الاتصال، وجوز أن يراد معنى المعية وخبر إن جملة * (ما أنتم عليه) * الخ ويكون الكلام على أسلوب قول الوليد بن عقبة بن أبي معيط عامله الله تعالى بما هو أهلة يحض معاوية على حرب الأمير علي كرم الله تعالى وجهه: فإنك والكتاب إلى علي * كدابغة وقد حلم الأديم قال في " الكشف ": ومعنى الآية أي عليه أنكم يا كفرة مع معبوديكم لا يتسهل لكم إلا أن تفتنوا من هو ضال مثلكم، وهو بيان لخلاصة المعنى، واستظهر أبو حيان العطف وكون الضمير للعبادة وتضمين فاتنين معنى الحمل وتغليب المخاطب على الغائب في * (أنتم) * وكون الجملة المنفية خبر إن. وحكي عن بعضهم القول بأن على بمعنى الباء والضمير المجرور به لما تعبدون فتأمل.
وقرأ الحسن. وابن أبي عبلة * (صالوا الجحيم) * بالواو على ما في كتاب الكامل للهذلي، وفي كتاب ابن خالويه عنهما * (صال) * بالضم ولا واو. وفي " اللوامح " و " الكشاف " عن الحسن * (صالوا الجحيم) * بضم اللام فعلى إثبات الواو هو جمع سلامة سقطت النون للإضافة، وفي الكلام مراعاة لفظ من أولا ومعناها ثانيا كما هو قوله تعالى: * (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين) * (البقرة: 8) وعلى عدم إثباتها فيه ثلاثة أوجه، الأول: أن يكون جمعا حذفت النون منه للإضافة ثم واو الجمع لالتقاء الساكنين وأتبع الخط اللفظ.
الثاني: أن يكون مفردا حذفت لامه وهي الياء تخفيفا وجعلت كالمنسي وجرى الإعراب على عينه كما جرى على عين يد ودم وعلى ذلك قوله تعالى: * (وجني الجنتين دان) * (الرحمن: 54) وقوله سبحانه: * (وله الجوار المنشآت) * بضم نون * (دان) * وراء * (الجوار) * وقولهم ما باليت به بالة فإن أصل بالة بالية بوزن عافية حذفت لامه فأجري الإعراب على عينه ولما لحقته الهاء انتقل إليها، الثالث: أن يكون مفردا أيضا ويكون أصله صائل على القلب المكاني بتقديم اللام على العين ثم حذفت اللام المقدمة وهي الياء فبقي صال بوزن فاع وصار معربا كباب ونظيره شاك الجاري إعرابه على الكاف في لغة [بم وقوله تعالى:
* (وما منآ إلا له مقام معلوم) *.
* (وما منا إلا له مقام معلوم) * حكاية لاعتراف الملائكة بالعبودية للرد على من يزعم فيهم خلافها فهو من كلامه تعالى لكنه حكى بلفظهم وأصله وما منهم إلا الخ أي وما منا إلا له مقام معلوم في العبادة والانتهاء إلى أمر الله تعالى في تدبير العالم مقصور عليه لا يتجاوزه ولا يستطيع أن يزل عنه خضوعا لعظمته تعالى وخشوعا لهيبته سبحانه وتواضعا لجلاله جل شأنه كما روي " فمنهم راكع لا يقيم صلبه وساجد لا يرفع رأسه " وقد أخرج الترمذي وحسنه. وابن ماجه. وابن مردويه عن أبي ذر قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون إن السماء أطت وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك واضعا جبهته ساجدا لله ".
وأخرج ابن جرير. وابن أبي حاتم. وأبو الشيخ. ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم وذلك قول الملائكة وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون " وعن السدي * (إلا له مقام معلوم) * في القرب والمشاهدة، وجعل بعضهم ذلك من كلام الجنة بمعنى الملائكة متصلا بما قبله من كلامهم وهو من قوله تعالى: * (سبحان الله عما يصفون) * إلى * (المسبحون) * فقال بعد أن فسر الجنة بالملائكة: إن * (سبحان الله عما يصفون) * حكاية