تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٣ - الصفحة ١٦٤
لهم، وعلى القول الأخير مبتدأ خبره محذوف وكذا على مذهب الأخفش فإن من مذهبه كما في " البحر " أنه إذا ارتفع ما بعدها فعلى الابتداء أي فلاحين مناص كائن لهم. وقرأ عيسى بن عمر * (ولات حين) * بكسر التاء مع النون كما في قول المنذر بن حرملة الطائي النصراني: طلبوا صلحنا ولات أوان * فأجبنا أن لات حين بقاء وخرج ذلك إما على أن لات تجر الأحيان كما أن لولا تجر الضمائر كلولاك ولولاه عند سيبويه، وإما على إضمار من كأنه قيل: لات من حين مناص ولات من أوان صلح كما جروا بها مضمرة في قولهم على كم جذع بيتك أي من جذع في أصح القولين، وقولهم: ألا رجل جزاه الله خيرا يريدون ألا من رجل، ويكون موضع من حين مناص رفعا على أنه اسم لات بمعنى ليس كما تقول ليس من رجل قائما، والخبر محذوف على قول سيبويه وعلى أنه مبتدأ والخبر محذوف على قول غيره، وخرج الأخفش ولات أوان على إضمار حين أي ولات حين أوان صلح فحذفت حين وأبقى أوان على جره، وقيل: أن أوان في البيت مبني على الكسر وهو مشبه باذ في قول أبي ذؤيب: نهيتك عن طلابك أم عمرو * بعاقبة وأنت إذ صحيح ووجه التشبيه أنه زمان قطع عنه المضاف إليه لأن الأصل أوان صلح وعوض التنوين فكسر للالتقاء الساكنين لكونه مبنيا مثله فهما شبهان في أنهما مبنيان مع وجود تنوين في آخرها للعوض يوجب تحريك الآخر بالكسر وإن كان سبب البناء في أوان دون إذ شبه الغايات حيث جعل زمانا قطع عنه المضاف إليه وهو مراد وليس تنوين العوض مانعا عن الإلحاق بها فإنها تبني إذا لم يكن تنوين لأن علته الاحتياج إلى المحذوف كاحتياج الحرف إلى ما يتم به، وهذا المعنى قائم نون أو لم ينون فإن التنوين عوض لفظي لا معنوي فلا تنافي بين التعويض والبناء لكن اتفق أنهم لم يعوضوا التنوين إلا في حال إعرابها وكأن ذلك لئلا يتمحض للتعويض بل يكون فيها معنى التمكن أيضا فلا منافاة، وثبت البناء فيما نحن فيه بدليل الكسر وكانت العلة التي في الغايات قائمة فأحيل البناء عليها، واتفق أنهم عوضوا التنوين ههنا تشبيها باذ في أنها لما قطعت عن الإضافة نونت أو توفية لحق اللفظ لما فات حق المعنى، وخرجت القراءة على حمل * (مناص) * على أوان في البيت تنزيلا لما أضيف إليه الظرف وهو * (حين) * منزلة الظرف لأن المضاف والمضاف إليه كشيء واحد فقدرت ظرفيته وهو قد كان مضافا إذا أصله مناصهم فقطع وصار كأنه ظرف مبني مقطوع عن الإضافة منون لقطعه ثم بنى ما أضيف إليه وهو * (حين) * على الكسر لإضافته إلى ما هو مبني فرضا وتقديرا وهو * (مناص) * المشابه لأوان. وأورد عليه أن ما ذكر من الحمل لم يؤثر في المحمول نفسه فكيف يؤثر فيما يضاف إليه على أن في تخريج الجر في البيت على ذلك ما فيه، والعجب كل العجب ممن يرتضيه، وضم التاء على قراءة أبي السمال وكسرها على قراءة عيسى للبناء، وروى عن عيسى * (ولات حين) * بالضم * (مناص) * بالفتح، قال " صاحب اللوامح ": فإن صح ذلك فلعله بني * (حين) * على الضم تشبيها بالغايات وبني * (مناص) * على الفتح مع * (لات) * وفي الكلام تقديم وتأخير أي ولات مناص حين لكن لا إنما تعمل في النكرات المتصلة بها دون المنفصلة عنها ولو بظرف، وقد يجوز أن يكون لذلك معنى لا أعرفه انتهى، وأهون من هذا فيما أرى كون * (حين) * معربا مضافا إلى * (مناص) * والفتح لمجاورة واو العطف في قوله تعالى: * (وعجبوا) * نظير فتح الراء من غير في قوله:
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»