تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٣ - الصفحة ١٤٨
فإنه ضعيف، والزيادة على ما روى عن ابن عباس ثلاثون ألفا، وفي أخرى عنه بضعة وثلاثون ألفا، وفي أخرى بضعة وأربعون ألفا، وعن نوف. وابن جبير سبعون ألفا، وأخرى الترمذي. وابن جرير. وابن المنذر. وابن أبي حاتم. وابن مردويه عن أبي بن كعب قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى: * (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) * قال: يزيدون عشرين ألفا، وإذا صح هذا الخبر بطل ما سواه.
* (فمتعناهم) * بالحياة * (إلى حين) * إلى آجالهم المسماة في الأزل قاله قتادة. والسدي، وزعم بعضهم أن تمتيعهم بالحياة إلى زمان المهدي وهم إذا ظهر من أنصاره فهم اليوم أحياء في الجبال والقفار لا يراهم كل أحد كالمهدي عند الإمامية والخضر عند بعض العلماء والصوفية، وربما يكشف لبعض الناس فيرى أحدا منهم وهو كذب مفتري، ولعل عدم ختم هذه القصة والقصة التي قبلها بنحو ما ختم به سائر القصص من قوله تعالى: * (وتركنا عليه في الآخرين * سلام) * (الصافات: 78، 79) الخ تفرقة بين شأن لوط. ويونس عليهما السلام وشأن أصحاب الشرائع الكبر وأولى العزم من المرسلين مع الاكتفاء فيهما بالتسليم الشامل لكل الرسل المذكور في آخر السورة ولتأخرهما في الذكر قربا منه والله تعالى أعلم.
والمذكور في شأن يونس عليه السلام في كتب أهل الكتاب أن الله عز وجل أمره بالذهاب إلى دعوة أهل نينوى وكانت إذ ذاك عظيمة جدا لا تقطع إلا في نحو ثلاثة أيام وكانوا قد عظم شرهم وكثر فسادهم فاستعظم الأمر وهرب إلى ترسيس فجاء يافا فوجد سفينة يريد أهلها الذهاب بها إلى ترسيس فاستأجر وأعطى الأجرة وركب السفينة فهاجت ريح عظيمة وكثرت الأمواج وأشرفت السفينة على الغرق ففزع الملاحون ورموا في البحر بعض الأمتعة لتخف السفينة وعند ذلك نزل يونس إلى بطن السفينة ونام حتى علا نفسه فتقدم إليه الرئيس فقال له: ما بالك نائما؟ قم وادع إلهك لعله يخلصنا مما نحن فيه ولا يهلكنا، وقال بعضهم: تعالوا نتقارع لنعرف من أصابنا هذا الشر بسببه فتقارعوا فوقعت القرعة على يونس فقالوا له: أخبرنا ماذا عملت ومن أين أتيت وإلى أين تمضي ومن أي كورة أنت ومن أي شعب أنت؟ فقال لهم: أنا عبد البر إله السماء خالق البر والبحر وأخبرهم خبره فخافوا خوفا عظيما. وقالوا له: لم صنعت ما صنعت يلومونه على ذلك ثم قالوا له: ما نصنع الآن بك ليسكن البحر عنا؟ فقال: ألقوني في البحر يسكن فإنه من أجلي صار هذا الموج العظيم فجهد الرجال أن يردوها إلى البر فلم يستطيعوا فأخذوا يونس وألقوه في البحر لنجاة جميع من في السفينة فسكن البحر وأمر الله تعالى حوتا عظيما فابتلعه فبقي في بطنه ثلاثة أيام وثلاث ليال وصلى في بطنه إلى ربه واستغاث به، فأمر سبحانه الحوت فألقاه إلى اليبس ثم قال عز وجل له: قم وامض إلى نينوى وناد في أهلها كما أمرتك من قبل فمضى عليه السلام ونادى وقال: تخسف نينوى بعد ثلاثة أيام فآمنت رجال نينوى بالله تعالى ونادوا بالصيام ولبسوا المسوح جميعا ووصل الخبر إلى الملك فقام عن كرسيه ونزع حلته ولبس مسحا وجلس على الرماد ونودي أن لا يذق أحد من الناس والبهائم طعاما ولا شرابا وجأروا إلى الله تعالى ورجعوا عن الشر والظلم فرحهمهم الله تعالى فلم ينزل بهم العذاب فحزن يونس وقال: إلهي من هذا هربت فإني علمت أنك الرحيم الرؤوف الصبور التواب يا رب خذ نفسي فالموت خير لي من الحياة فقال: يا يونس حزنت من هذا جدا؟ فقال: نعم يا رب وخرج يونس وجلس مقابل المدينة وصنع له هناك مظلة وجلس تحتها إلى أن يرى ما يكون في المدينة
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»