ويجوز أن يكون * (إفكا) * مفعولا به بمعنى أتريدون * (إفكا) * وتكون آلهة بدلا منه بدل كل من كل، وجعلها عين الإفك على المبالغة أو الكلام على تقدير مضاف أي عبادة آلهة وهي صرف للعبادة عن وجهها. وجوز كونه حالا من ضمير تريدون أي أفاكين أو مفعوله أي مأفوكة. وتعقب بأن جعل المصدر حالا لا يطرد إلا مع أما نحو إما علما فعالم.
* (فما ظنكم برب العالمين) *.
* (فما ظنكم برب العالمين) * أي أي شيء ظنكم بمن هو حقيق بالعبادة لكونه ربا للعالمين أشككتم فيه حتى تركتم عبادته سبحانه بالكلية أو أعلمتم أي شيء هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه سبحانه وتعالى أو أي شيء ظنكم بعقابه عز وجل حتى اجترأتم على الإفك عليه تعالى ولم تحافوا، وكان قومه عليه السلام يعظمون الكواكب المعروفة ويعتقدون السعود والنحوس والخير والشر في العالم منها ويتخذون لكل كوكب منها هيكلا ويجعلون فيها أصناما تناسب ذلك الكوكب بزعمهم ويجعلون عبادتها وتعظيمها ذريعة إلى عبادة تلك الكواكب واستنزال روحانياتها وكانوا يستدلون بأوضاعها على الحوادث الكونية عامة أو خاصة فاتفق إن دنا يوم عيد لهم يخرجون فيه فأرسل ملكهم إلى إبراهيم عليه السلام أن غدا عيدنا فأحضر معنا فاستشعر حصول الفرصة لحصول ما عسى أن يكون سببا لتوحيدهم فأراد أن يعتذر عن الحضور على وجه لا ينكرونه عليه.
* (فنظر نظرة فى النجوم) *.
* (فنظر نظرة في النجوم) * أي فتأمل نوعا من التأمل في أحوالها وهو في نفس الأمر على طرز تأمل الكاملين في خلق السموات والأرض وتفكرهم في ذلك إذ هو اللائق به عليه السلام لكنه أوهمهم أنه تفكر في أحوالها من الاتصال والتقابل ونحوهما من الأوضاع التي تدل بزعمهم على الحوادث ليرتب عليه ما يتوصل به إلى غرضه الذي يكون وسيلة إلى إنقاذهم مما هم فيه، والظاهر بعد اعتبار الإيهام أنه إيهام التفكر في أحكام طالع ولادته عليه السلام وما يدل عليه بزعمهم ما تجدد له من الأوضاع في ذلك الوقت، وهذا من معاريض الأفعال نظير ما وقع في قصة يوسف عليه السلام من تفتيش أوعية إخوته بني علاته قبل وعاء شقيقه فإن المفتش بدأ بأوعيتهم مع علمه أن الصاع ليس فيها وأخر تفتيش وعاء أخيه مع علمه بأنه فيها تعريضا بأنه لا يعرف في أي وعاء هو ونفيا للتهمة عنه لو بدأ بوعاء الأخ.
* (فقال إنى سقيم) *.
* (فقال) * أي لهم * (إني سقيم) * أراد أنه سيسقم ولقد صدق عليه السلام فإن كل إنسان لا بد أن يسقم وكفى باعتلال المزاج أول سريان الموت في البدن سقاما، وقيل أراد مستعد للسقم الآن أو خارج المزاج عن الاعتدال خروجا قل من يخلو عنه أو سقيم القلب لكفركم والقوم توهموا أنه أراد قرب اتصافه بسقم لا يستطيع معه الخروج معهم إلى معيدهم، وهو على ما روى عن سفيان وابن جبير سقم الطاعون فإنهما فسرا * (سقيم) * بمطعون وكان كما قيل أغلب الأسقام عليهم وكانوا شيدي الخوف منه لاعتقادهم العدوى فيه، وهذا وكذا قوله عليه السلام * (بل فعله كبيرهم هذا) * وقوله في زوجته سارة هي أختي من معاريض الأقوال كقول نبينا صلى الله عليه وسلم لمن قال له في طريق الهجرة: ممن الرجل؟ من ماء حيث أراد عليه الصلاة والسلام ذكر مبدأ خلقه ففهم السائل أنه بيان قبيلته وكقول صاحبه الصديق وقد سئل عنه عليه الصلاة والسلام في ذاك أيضا: هو هاد يهديني حيث أراد شيئا وفهم السائل آخر ولا يعد ذلك كذبا في الحقيقة.
وتسميته به في بعض الأحاديث الصحيحة بالنظر لما فعم الغير منه لا بالنسبة إلى ما قصده المتكلم وجعله ذنبا في حديث الشفاعة قيل لأنه ينكشف لإبراهيم عليه السلام أنه كان منه خلاف الأولى لا أن كل تعريض هو