* (هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون * يطوفون بينها وبين حميم آن) * (الرحمان: 43، 44) ويؤيده قراءة ابن مسعود * (ثم إن منقلبهم) * إذ الانقلاب أظهر في الرد أو المراد ثم إن مرجعهم إلى دركات الجحيم فهم يرددون في الجحيم من مكان إلى آخر أدنى منه، وقيل: إن الشراب يقدم إليهم قبل دخول النار فيشربون ويصيرون إلى الجحيم، وهذا يحتاج إلى توقيف وإلا فهو خلاف الظاهر، وكأن بين خروج القوم للشرب وعودهم إلى مساكنهم زمانا غير يسير يتجرعون فيه ذلك الشراب ولذا جيء بثم، وهذا الشراب في مقابلة ما لأهل الجنة من الشراب المدلول عليه بقوله تعالى: * (يطاف عليهم بكأس من معين * بيضاء لذة للشاربين) * (الصافات: 45، 46) الخ كما أن الزقوم في مقابلة ما لهم من الفواكه. وقد جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم أخرجه ابن أبي شيبة فكيف بمن هو طعامه وشرابه الغساق والصديد مع الحميم، نسأل الله تعالى رضاه والجنة ونعوذ به عز وجل من غضبه والنار [بم وقوله سحبانه:
* (إنهم ألفوا ءابآءهم ضآلين * فهم على ءاثارهم يهرعون) *.
* (إنهم ألفوا ءاباءهم ضالين * فهم على ءاثارهم يهرعون) * تعليل لاستحقاقهم ما ذكر من فنون العذاب بتقليد الآباء في أصول الدين من غير أن يكون لهم ولا لآبائهم شيء يتمسك به أصلا أي وجدوهم ضالين في نفس الأمر ليس لهم ما يصلح شبهة فضلا عن صلاحية كونه دليلا فهم من غير أن يتدبروا أنهم على الحق أولا مع ظهور كونهم على الباطل بأدنى تأمل، والإهراع الإسراع الشديد، وقيل: هو إسراع فيه شبه رعدة.
وفي بناء الفعل للمفعول إشارة إلى مزيد رغبتهم في الإسراع على آثارهم كأنهم يزعجون ويحثون حثا عليه.
* (ولقد ضل قبلهم أكثر الاولين) *.
* (ولقد ضل قبلهم) * أي قبل هؤلاء الظالمين الذين جعلت شجرة الزقوم فتنة لهم وهم قريش * (أكثر الأولين) * من الأمم السابقة، وهو جواب قسم محذوف [بم وكذا قوله تعالى:
* (ولقد أرسلنا فيهم منذرين) *.
* (ولقد أرسلنا فيهم منذرين) * أنبياء أنذروهم سوء عاقبة ما هم عليه من الباطل، وتكرير القسم لإبراز كمال الاعتناء بتحقيق مضمون كل من الجملتين.
* (فانظر كيف كان عاقبة المنذرين) *.
* (فانظر كيف كان عاقبة المنذرين) * من الهول والفظاعة لما لم يلتفتوا إلى الإنذار ولم يرفعوا إليه رأسا.
والخطاب إما لسيد المخاطبين صلى الله عليه وسلم أو لكل من يتأتى منه مشاهدة آثارهم، وحيث كان المعنى أنهم أهلكوا إهلاكا فظيعا استثنى عنهم المخلصين بقوله عز وجل:
* (إلا عباد الله المخلصين) *.
* (إلا عباد الله المخلصين) * أي الذين أخلصهم الله تعالى بتوفيقهم للايمان والعمل بموجب الإنذار. وقرىء * (المخلصين) * بكسر اللام أي الذين أخلصوا دينهم لله سبحانه وتعالى، والاستثناء على القراءتين إما منقطع إن خصص المنذرين وإما متصل أن عمم.
* (ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون) *.
* (ولقد ناديانا نوح) * نوع تفصيل لما أجمل فيما قبل ببيان أحوال بعض المرسلين وحسن عاقبتهم متضمن لبيان سوء عاقبة بعض المنذرين كقوم نوح عليه السلام ولبيان حسن عاقبة بعضهم الذين أخلصهم الله تعالى أو أخلصوا دينهم على القراءتين كقوم يونس عليه السلام، وتقديم قصة نوح عليه السلام على سائر القصص غي عن البيان، ونداؤه عليه السلام يتضمن الدعاء على كفار قومه وسؤاله النجاة وطلب النصرة، واللام واقعة في جواب قسم محذوف، وكذا ما في قوله تعالى: * (فلنعم المجيبون) * والمخصوص بالمدح فيه محذوف والفاء