وقرأ السلمي. وابن وثاب. والأعمش. والحسن بخلاف عنه * (يعدون) * بياء الغيبة.
* (ذالك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم) *.
* (ذالك) * أي الذات الموصوف بتلك الصفات المقتضية للقدرة التامة والحكمة العامة * (عالم الغيب) * أي كل ما غاب عن الخلق * (والشهادة) * أي كل ما شاهده الخلق فيدبر سبحانه ذلك على وفق الحكمة، وقيل: الغيب الآخرة والشهادة الدنيا * (العزيز) * الغالب على أمره * (الرحيم) * للعباد، وفيه إيماء بأنه عز وجل متفضل فيما يفعل جل وعلا، واسم الإشارة مبدأ والأوصاف الثلاثة بعده أخبار له، ويجوز أن يكون الأول خبرا والأخير نعتان للأول.
وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما بخفض الأوصاف الثلاثة على أن ذلك إشارة إلى الأمر مرفوع المحل على أنه فاعل * (يعرج) * والأوصاف مجرورة على البدلية من ضمير * (إليه) * وقرأ أبو زيد النحوي بخفض الوصفين الأخيرين على أن * (ذلك) * إشارة إلى الله تعالى مرفوع المحل على الابتداء و * (عالم) * خبره والوصفان مجروران على البدلية من الضمير، وقوله تعالى:
* (الذى أحسن كل شىء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين) *.
* (الذي أحسن كل شيء خلقه) * خبر رابع أو نعت ثالث أو نصب على المدح، وجوز أبو البقاء كونه خبر مبتدأ محذوف أي هو الذي، وكون * (العزيز) * مبتدأ و * (الرحيم) * صفته وهذا خبره وجملة * (خلقه) * في محل جر صفة * (شيء) * ويجوز أن تكون في محل نصب صفة * (كل) * واحتمال الاستئناف بعيد أي حسن سبحانه كل مخلوق من مخلوقاته لأنه ما من شيء منها إلا وهو مرتب على ما اقتضته الحكمة واستدعته المصلحة فجميع المخلوقات حسنة وإن تفاوتت في مراتب الحسن كما يشير إليه قوله تعالى: * (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) * (التين: 4) ونفي التفاوت في خلقه تعالى في قوله سبحانه: * (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) * (الملك: 3) على معنى ستعرفه إن شاء الله تعالى غير مناف لما ذكر، وجوز أن يكون المعنى علم كيف يخلقه من قوله. قيمة المرء ما يحسن وحقيقته يحسن معرفته أي يعرفه معرفة حسنة بتحقيق وإيقان، ولا يخفى بعده.
وقرأ العربيان. وابن كثير * (خلقه) * بسكون اللام فقيل: هو بدل اشتمال من * (كل) * والضمير المضاف هو إليه له وهو باق على المعنى المصدري، وقيل: هو بدل كل من كل أو بدل بعض من كل والضمير لله تعالى وهو بمعنى المخلوق، وقيل: هو مفعول ثان لأحسن على تضمينه معنى أعطى أي أعطى سبحانه كل شيء خلقه اللائق به بطريق الإحسان والتفضل، وقيل: هو المفعول الأول و * (كل شيء) * المفعول الثاني وضميره لله سبحانه على تضمين الإحسان والتفضل، وقيل: هو المفعول الأول و * (كل شيء) * المفعول الثاني وضميره لله سبحانه على تضمين الإحسان معنى الإلهام كما قال الفراء أو التعريف كما قال أبو البقاء، والمعنى الهم أو عرف خلقه كل شيء مما يحتاجون إليه فيؤول إلى معنى قوله تعالى: * (أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) * (طه: 50). واختار أبو علي في الحجة ما ذكره سيبويه في الكتاب أنه مفعول مطلق لأحسن من معناه والضمير لله تعالى نحو قوله تعالى: * (صنع الله) * (النمل: 88) و * (وعد الله) * (النور: 55) * (وبدأ خلق الإنسان) * أي آدم عليه السلام * (من طين) * أو بدأ خلق هذا الجنس المعروف * (من طين) * حيث بدأ خلق آدم عليه السلام خلقا منطويا على فطرة سائر أفراد الجنس انطواء إجماليا منه، وقرأ الزهري * (بدأ) * بالألف بدلا من الهمزة قال في " البحر " وليس القياس في هدأ هذا بإبدال الهمزة ألفا بل قياس هذه الهمزة التسهيل بين بين على أن الأخفش حكى في قرأت قريت قيل: وهي لغة الأنصار فهم يقولون في بدأ بدي بكسر عين الكلمة وياء بعدها، وطيء يقولون في فعل هذا نحو بقي بقي كرمي فاحتمل أن تكون قراءة الزهري على هذه اللغة بأن يكون الأصل بدي ثم صار بدا، وعلى