وإلا فزمان التدبير والعروج يسير، وقيل: المعنى يدبر أمر الدنيا بإظهاره في " اللوح المحفوظ " فينزل الملك الموكل به من السماء إلى الأرض ثم يرجع الملك أو الأمر مع الملك إليه تعالى في زمان هو نظرا للنزول والعروج كألف سنة مما تعدون، وأريد به مقدار ما بين الأرض ومقعر سماء الدنيا ذهابا وإيابا، والظاهر أن * (يدبر) * عليه مضمن معنى الإنزال، والجاران متعلقان به لا بفعل محذوف أي فينزل به الملك من السماء إلى الأرض كما قيل، وزعم بعضهم أن ضمير * (إليه) * للسماء وهي قد تذكر كما في قوله تعالى: * (السماء منفطر به) * وقيل: المعنى يدبر سبحان أمر الدنيا كلها من السماء إلى الأرض لكل يوم من أيام الرب جل شأنه وهو ألف سنة كما قال سبحانه: * (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) * (الحج: 47) ثم يصير إليه تعالى ويثبت عنده عز وجل ويكتب في صحف ملائكته جل وعلا كل وقت من أوقات هذه المدة ما يرتفع من ذلك الأمر ويدخل تحت الوجود إلى أن تبلغ المدة آخرها ثم يدبر أيضا ليوم آخر وهلم جرا إلى أن تقوم الساعة، ويشير إلى هذا ما روى عن مجاهد قال: إنه تعالى يدبر ويلقى إلى الملائكة أمور ألف سنة من سنيننا وهو اليوم عنده تعالى فإذا فرغت ألقى إليهم مثلها، وعليه الأمر بمعنى الشأن والجاران متعلقان به أو بمحذوف حال منه ولا تضمين في * (يدبر) * والعروج إليه تعالى مجاز عن ثبوته وكتبه في صحف الملائكة و * (ألف سنة) * على ظاهره و * (في يوم) * يتعلق بالفعلين واعمل الثاني كأنه قيل: * (يدبر الأمر ليوم مقداره كذا ثم يعرج إليه تعالى فيه كما تقول: قصدت ونظرت في الكتاب أي قصدت إلى الكتاب ونظرت فيه، ولا يمنع اختلاف الصلتين من التنازع، وتكرار التدبير إلى يوم القيامة يدل عليه العدول إلى المضارع مع أن الأمر ماض كأنه قيل: يجدد هذا الأمر مستمرا؛ وقيل: المعنى يدبر أمر الدنيا من السماء إلى الأرض إلى أن تقوم الساعة ثم يعرج إليه تعالى ذلك الأمر كله أي يصير إليه سبحانه ليحكم فيه في يوم كان مقداره ألف سنة وهو يوم القيامة، وعليه الأمر بمعنى الشأن والجاران متعلقان به أو بمحذوف حال منه كما في سابقه، والعروج إليه تعالى الصيرورة إليه سبحانه لا ليثبت في صحف الملائكة بل ليحكم جل وعلا فيه.
و * (في يوم) * متعلق بالعروج ولا تنازع، والمراد بيوم مقداره كذا يوم القيامة، ولا ينافي هذا قوله تعالى: * (كان مقداره خمسين ألف سنة) * بناء على أحد الوجهين فيه لتفاوت الاستطالة على حسب الشدة أو لأن ثم خمسين موطنا كل موطن ألف سنة، وقيل: المعنى ينزل الوحي مع جبريل عليه السلام من السماء إلى الأرض ثم يرجع إليه تعالى ما كان من قبوله أو رده مع جبريل عليه السلام في يوم مقدار مسافة السير فيه ألف سنة وهو ما بين السماء والأرض هبوطا وصعودا، فالأمر عليه مراد به الوحي كما في قوله تعالى: * (يلقى الروح من أمره) * والعروج إليه تعالى عبارة عن خبر القبول والرد مع عروج جبريل عليه السلام والتدبير والعروج في اليوم لكن على التوسع والتوزيع فالفعلان متنازعان في الظرف ولكن لا اختلاف في الصلة ولا تنافي الآية على هذا قوله تعالى شأنه: * (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) * (المعارج: 4) بناء على الوجه الآخر فيه وستعرفهما إن شاء الله تعالى لأن العروج فيه إلى العرش وفيها إلى السماء الدنيا وكلاهما عروج إلى الله تعالى على التجوز.
وقيل: المراد بالأمر المأمور به من الطاعات والأعمال الصالحات، والمعنى ينزل سبحانه ذلك مدبرا من السماء إلى الأرض ثم لا يعمل به ولايصعد إليه تعالى ذلك المأمور به خالصا كما يرتضيه إلا في مدة متطاولة لقلة الخلص من العباد وعليه * (يدبر) * مضمن معنى الإنزال ومن وإلى متعلقان به، ومعنى العروج الصعود كما في قوله