* (الذي يخرج الخبء في السموات والأرض) * أي يظهر الشيء المخبوء فيهما كائنا ما كان فالخبء مصدر أريد به اسم المفعول. وفسره بعضهم هنا بالمطر والنبات، وروى ذلك عن ابن زيد. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب أنه فسره بالماء والأولى التعميم كما روى ذلك جماعة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
* (وفي السموات) * متعلق بالخبء، وعن الفراء أن * (في) * بمعنى من فالجار والمجرور على هذا متعلق بيخرج والظاهر ما تقدم. واختيار هذا الوصف لما أنه أوفق بالقصة حيث تضمنت ما هو أشبه شيء بإخراج الخبء وهو إظهار أمر بلقيس وما يتعلق به. وعلى هذا القياس اختيار ما ذكر بعد من صفاته عز وجل، وقيل: إن تخصيص هذا الوصف بالذكر لما أن الهدهد أرسخ في معرفته والإحاطة بأحكامه بمشاهدة آثارها التي من جملتها ما أودعه الله تعالى في نفسه من القدرة على معرفة الماء تحت الأرض. وأنت تعلم أن كون الهدهد أودع فيه القدرة على ما ذكر مما لم يجيء فيه خبر يعول عليه، وأيضا التعليل المذكور لا يتسنى على قراءة ابن عباس والستة الذين معه * (ألا يسجدوا) * بالتخفيف إذا جعل الكلام استئنافا من جهته عز وجل أو من جهة سليمان عليه السلام. وقرأ أبي. وعيسى * (الخب) * بنقل حركة الهمزة إلى الباء وحذف الهمزة. وحكى ذلك سيبويه عن قوم من بني تميم. وبني أسد.
وقرأ عكرمة بألف بدل الهمزة فلزم فتح ما قبلها وهي قراءة عبد الله. ومالك بن دينار. وخرجت على لغة من يقول في الوقف هذا الخبو ومررت بالخبي ورأيت الخبا وأجرى الوصل مجرى الوقف. وأجاز الكوفيون أن يقال في المرأة والكمأه المراة والكماة بإبدال الهمزة ألفا وفتح ما قبلها. وذكر أن هذا الإبدال لغة.
وجوز أن يكون * (الخبء) * من ذلك ومنعه الزمخشري مدعيا أن ذلك لغة ضعيفة مسترذلة. وعلل بأن الهمزة إذا سكن ما قبلها فطريق تخفيفها الحذف لا القلب كما يقال في الكمء كمه. وتعقبه في " الكشف " فقال: تخريجه على الوقف فيه ضعفان لأن الوقف على ذلك الوجه ليس من لغة الفصحاء وأجراء الوصل مجرى الوقف فيما لا يكثر استعماله كذلك. وأما تلك اللغة فعن الكوفيين أنها قياس انتهى. وزعم أبو حاتم أن الخبا بالألف لا يجوز أصلا وهو من قصور العلم. قال المبرد: كان أبو حاتم دون أصحابه في النحو ولم يلحق بهم إلا أنه إذا خرج من بلدتهم لم يلق أعلم منه. وأشير بعطف قوله تعالى: * (ويعلم ما تخفون وما تعلنون) * على * (يخرج) * إلى أنه تعالى يخرج ما في العالم الإنساني من الخفايا كما يخرج ما في العالم الكبير من الخبايا لما أن المراد يظهر ما تخفونه من الأحوال فيجازيكم بها وذكر ما تعلنون لتوسيع دائرة العلم أو للتنبيه على تساويهما بالنسبة إلى العلم الإلهي كذا قيل. ويشعر كلام بعضهم بأنه أشير بما تقدم إلى كمال قدرته تعالى وبهذا إلى كمال علمه عز وجل وأنه استوى فيه الباطن والظاهر. وقدم * (ما تخفون) * لذلك مع مناسبته لما قبله من الخبء، وقدم وصفه تعالى بإخراج الخبء من السموات لأنه أشد ملاءمة للمقام، والخطاب على ما قيل أما للناس أو لقوم سليمان أو لقوم بلقيس. وفي الكلام التفات.
وقرأ الحرميان. والجمهور * (ما يخفون وما يعلنون) * بياء الغيبة، وفي " الكشاف " عن أبي أنه قرأ * (ألا تسجدون لله الذي يخرج الخبء من السماء والأرض ويعلم سركم وما تعلنون) *.
* (الله لا إلاه إلا هو رب العرش العظيم) * * (الله لا إلاه إلا هو رب العرش العظيم) * في معنى التعليل لوصفه عز وجل بكمال القدرة وكمال العلم. و * (العظم) * بالجر صفة العرش وهو نهاية الأجرام فلا جرم فوقه، وفي الآثار من وصف عظمه ما يبهر