تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٩ - الصفحة ١٨٧
وفي حديث فروة وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سبأ اسم رجل ولد عشرة من الولد تيامن منهم ستة وتشاءم أربعة والستة حمير. وكندة. والأزد. واشعر. وخثعم، والأربعة لخم. وجذام وعاملة. وغسان؛ وقيل: سبأ لقب لأبي هذا الحي من قحطان اسمه عبد شمس، وقيل: عامر، ولقب بذلك لأنه أول من سبى.
وقرأ ابن كثير. وأبو عمرو * (من سبأ) * بفتح الهمزة غير مصروف على أنه اسم للقبيلة ثم سميت به ما رب سبأ وبينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث، وجوز أن يراد به على الصرف الموضع المخصوص وعلى منع الصرف المدينة المخصوصة، وأشندوا على صرفه قوله: الواردون وتيم في ذري سبأ * قد عض أعناقهم جلد الجواميس وقرأ قنبل من طريق النبال بإسكان الهمزة وخرج على إجراء الول مجرى الوقف، وقال مكي؛ الإسكان في الوصل بعيد غير مختار ولا قوي، وقرأ الأعمش * (من سبإ) * بكسر الهمزة من غير تنوين حكاها عنه ابن خالويه. وابن عطية، وخرجت على أن الجر بالكسرة لرعاية ما نقل عنه فإنه في الأصل اسم الرجل أو مكان مخصوص وحذف التنوين لرعاية ما نقل إليه فإنه جعل اسما للقبية أو للمدينة وهو كما ترى، وقرأ ابن كثير في رواية * (من سبى) * بتنوين الباء على وزن رحى جعله مقصورا مصروفا، وذكر أبو معاذ أنه قرأ * (من سبأى) * بسكون الباء وهمزة مفتوحة غير منونة على وزن فعلي فهو ممنوع من الصرف للتأنيث اللازم.
وروى ابن حبيب عن اليزيدي * (من سبأ) * بألف ساكنة كما في قولهم: * (تفرقوا أيدي سبأ) *، وقرأ فرقة * (بنبأ) * بالألف عوض الهمزة وكأنها قراءة من قرأ سبأ بالألف لتتوازن الكلمتان كما توازنت في قراءة من قرأهما بالهمزة المكسورة والتنوين، وفي التحرير أن مثل * (من سبا بنبا) * يسمى تجنيس التصريف وهو أن تنفرد كل من الكلمتين بحرف كما في قوله تعالى: * (ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون) * (غافر: 75) وحديث " الخيل معقود بنواصيها الخير ".
وقال الزمخشري: إن قوله تعالى: * (من سبا بنبا) * من جنس الكلام الذي سماه المحدثون البديع، وهو من محاسن الكلام الذي يتعلق باللفظ بشرط أن يجيء مطبوعا أو يصيغه عالم بجوهر الكلام يحفظ معه صحة المعنى وسداده، ولقد جاء ههنا زائدا على الصحة فحسن وبدع لفظا ومعنى ألا ترى لو وضع مكان * (بنبأ) * بخبر لكان المعنى صحيحا، وهو كما جاء أصح لما في النبأ من الزيادة التي يطابقها وصف الحال اه‍. وهذه الزيادة كون الخبر ذا شأن، وكون النبأ بمعنى الخبر الذي له شأن مما صرح به غير واحد من اللغويين. والظاهر أنه معنى وضعي له. وزعم بعضهم أنه ليس بوضعي وليس بشيء، وقول المحدثين: أنبأنا أحط درجة من أخبرنا غير وارد لأنه اصطلاح لهم. وقرأ الجمهور * (فمكث) * بضم الكاف، والفتح قراءة عاصم. وأبي عمرو في رواية الجعفي. وسهل. وروح. وقرأ أبي * (فمكث ثم قال) *. وعبد الله * (فمكث فقال) *، وكلتا القراءتين في الحقيقة على ما في " البحر " تفسير لا قراءة لمخالفتها سواد المصحف. وقرىء في السبعة * (أحطت) * بإدغام التاء في الطاء مع بقاء صفة الإطباق وليس بإدغام حقيقي.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»