الكتاب) * (الحديد: 29) كأنه قيل فصدهم عن السجود لله تعالى، وجوز أن يكون بتقدير إلى و * (لا) * زائدة أيضا والجار والمجرور متعلق بيهتدون كأنه قيل فهم لا يهتدون إلى السجود له عز وجل، وأنت تعلمأن زيادة - لا - وإن وقعت في الفصيح خلاف الظاهر، وجوز أن لا يكون هناك تقدير والمصدر خبر مبتدأ محذوف أي دأبهم عدم السجود، وقيل: التقدير هي أي أعمالهم عدم السجود وفيه ما مر آنفا، وقرأ ابن عباس. وأبو جعفر. والزهري. والسلمي. والحسن. وحميد. والكسائي * (ألا) * بالتخفيف على أنها للاستفتاح ويا حرف نداء والمنادى محذوف أي ألا يا قوم اسجدوا كما في قوله: ألا يا أسلمى ذات الدمالج والعقد ونظائره الكثيرة. وسقطت ألف يا وألف الوصل في * (اسجدوا) * كتبت الياء متصلة بالسين على خلاف القياس. ووقف الكسائي في هذه القراءة على ياء وابتدأ باسجدوا وهو وقف اختيار، وفي " البحر " الذي أذهب إليه أن مثل هذا التركيب الوارد عن العرب ليست يا فيه للنداء والمنادى محذوف لأن المنادى عندي لا يجوز حذفه لأنه قد حذف الفعل العامل في النداء وانحذف فاعله لحذفه فلو حذفنا المنادى لكان في ذلك حذف جملة النداء وحذف متعلقه وهو المنادي وإذا لم نحذفه كان دليلا على العامل فيه وهو جملة النداء وليس حرف الندا حرف جواب كنعم وبلى ولا وأجل فيجوز حذف الجملة بعده كما يجوز حذفها بعدهن لدلالة ما سبق من السؤال على الجملة المحذوفة. فيا عندي في تلك التراكيب حرف تنبيه أكد به * (ألا) * التي للتنبيه وجاز ذلك لاختلاف الحرفين ولقصد المبالغة في التوكيد. وإذا كان قد وجد التأكيد في اجتماع الحرفين المختلفي اللفظ العاملين في قوله: فأصبحن لا يسألنني عن بما به والمتفقي اللفظ العاملين أيضا في قوله: فلا والله لا يلفي لما بي * ولا للما بهم أبدا دواء وجاز ذلك وإن عدوه ضرورة أو قليلا فاجتماع غير العاملين وهما مختلفا اللفظ يكون جائزا. وليس - يا - في قوله: يا لعنة الله والأقوام كلهم حرف نداء عندي بل حرف تنبيه جاء بعده المبتدا وليس مما حذف فيه المنادى لما ذكرناه انتهى، وللبحث فيه مجال. وعلى هذه القراءة يحتمل أن يكون الكلام استئنافا من كلام الهدهد أما خطابا لقوم سليمان عليه السلام للحث على عبادة الله تعالى أو لقوم بلقيس لتنزيلهم منزلة المخاطبين. ويحتمل أن يكون استئنافا من جهة الله عز وجل أو من سليمان عليه السلام كما قيل وهو حينئذ بتقدير القول.
ولعل الأظهر احتمال كونه استئنافا من جهته عز وجل وخاطب سبحانه به هذه الأمة. والجملة معترضة ويوقف على هذه القراءة على * (يهتدون) * استحسانا ويوجب ذلك زيادة عدة آيات هذه السورة على ما قالوه فيها عند بعض، وقيل: لا يوجبها فإن الآيات توقيفية ليس مدارها على الوقف وعدمه فتأمل. والفرق بين القراءتين معنى أن في الآية على الأولى ذما على ترك السجود وفيها على الثانية أمرا بالسجود. وأيا ما كان فالسجود واجب عند قراءة الآية، وزعم الزجاج وجوبه على القراءة الثانية وهو مخالف لما صرح به الفقهاء ولذا قال الزمخشري إنه غير مرجوع إليه. وقرأ الأعمش: * (هلا يسجدون) * على التحضيض وإسناد الفعل إلى ضمير الغائبين. وفي قراءة أبي * (ألا تسجدون) * على العرض وإسناد الفعل إلى ضمير المخاطبين، وفي حرف عبد الله * (ألا هل تسجدون) * بألا الاستفتاحية وهل الاستفهامية. وإسناد الفعل إلى ضمير المخاطبين قاله ابن عطية. وفي " الكشاف " ما فيه مخالفة ما له والعالم بحقيقة الحال هو الله عز وجل.