عليه الصلاة والسلام دفع توهم المحاباة وأن الاهتمام بشأنهم أهم وأن البداءة تكون بمن يلي ثم من بعده كما قال سبحانه: * (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) * (التوبة: 123) وفي كيفية الإنذار أخبار كثيرة، منها ما أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: " لما نزلت * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي يا بني فهو يا بني عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم ما جربنا عليك إلا صدقا قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا فنزلت * (تبت يدا أبي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب) * (المسد: 1، 2) " ومنها ما أخرجه أحمد. وجماعة عن أبي هريرة قال: " لما نزلت * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا وعم وخص فقال: يا معشر قريش انقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا معشر بني كعب ابن لؤي انقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا معشر بني قصي انقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا معشر بني عبد مناف انقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا معشر بني عبد المطلب انقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا فاطمة بنت محمد انقذي نفسك من النار فإني لا أملك لك ضرا ولا نفعا إلا أن لكم رحما وسأبلها ببلالها ".
وجاء في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم لما نزلت الآية جمع عليه الصلاة والسلام بني هاشم فأجلسهم على الباب وجمع نساءه وأهله فأجلسهم في البيت ثم أطلع عليهم فأنذرهم، وجاء في بعض آخر منها أنه عليه الصلاة والسلام أمر عليا كرم الله تعالى وجهه أن يصنع طعاما ويجمع له بني عبد المطلب ففعل وجمعهم وهم يومئذ أربعون رجلا فبعد أن أكلوا أراد صلى الله عليه وسلم أن يكلمهم بدره أبو لبه إلى الكلام فقال: لقد سحركم صاحبكم فتفرقوا ثم دعاهم من الغد إلى مثل ذلك ثم بدرهم بالكلام فقال: يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله تعالى والبشير قد جئتكم بما لم يجىء به أحد جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا تسلموا وأطيعوا تهتدوا إلى غير ذلك من الأخبار والروايات وإذا صح الكل فطريق الجمع أن يقال بتعدد الإنذار.
ومن الروايات ما يتمسك به الشيعة فيما يدعونه في أمر الخلافة وهو مؤول أو ضعيف أو موضوع * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * ورهطك منهم المخلصين.
* (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) * * (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) * أمر له صلى الله عليه وسلم بالتواضع على سبيل الاستعارة التبعية أو التمثيلية أو المجاز المرسل وعلاقته اللزوم، ويستعمل في التكبر رفع الجناح وعلى ذلك جاء قول الشاعر: وأنت الشهير بخفض الجناح * فلا تك في رفعه أجدلا و * (من) * قيل: بيانية لأن من اتبع في أصل معناه أعم ممن اتبع لدين أو غيره ففيه إبهام وبذكر المؤمنين المراد بهم المتبعون للدين زال ذلك، وقيل: للتبعيض بناء على شيوع من اتبع فيمن اتبع للدين وحمل المؤمنين على من صدق باللسان ولو نفاقا ولا شك أن المتبعين للدين بعض المؤمنين بهذا المعنى، وجوز أن يحمل على من شارف وإن لم يؤمن. ولا شك أيضا أن المتبعين المذكورين بعضهم وفي الآية على القولين أمر بالتواضع لمن اتبع للدين.